لم يؤلفوا كتبا أخذوا مادتها عن المبرد، فإن ذلك كله خطأ؛ إذ إنه ما قال أحد إن هؤلاء الثلاثة كانوا من تلامذة المبرد.
ويقضي المنهج العلمي في هذه الحالة، أن تبحث المصادر التي اعتمد عليها الفهرست في هذه النقطة، وقد رأينا النص يبدأ بعبارة:"قال أبو سعيد رحمه الله"، فإذا عرفنا أن ابن النديم كان تلميذا لأبي سعيد السيرافي، وأن هذا الأخير قد ألف كتابا سماه:"أخبار النحويين البصريين"، كان علينا أن نبحث فيه عن النص الذي ذكره ابن النديم في كتابه "الفهرست"، وبالفعل نجد النص في أخبار النحويين البصريين للسيرافي، وفيه:"وقد كان من نظرائه "أي المبرد" في عصره، ممن قرأ كتاب سيبويه على المازني، جماعة لم يكن لهم كنباهته، مثل أبي ذكوان ... وعسل بن ذكوان ... وأبي يعلى بن أبي زرعة"١.
ومن هذه المراجعة للمصدر الأصلي للنص، نعرف أن عبارة:"لم يكن لهم كتب عنه" المذكورة في الفهرست، ليست إلا تحريفا للعبارة الأصلية:"لم يكن لهم كنباهته: ويظهر أن السر في هذا التحريف أن الألف في: "نباهته" قصرت بعض الشيء وكذلك الهاء لم تكن واضحة تماما، فقرئت الكلمة لهذا السبب: "كتب عنه".
ويطول بنا الحديث، إذا ذهبنا نعرض الأمثلة الكثيرة، التي تؤكد ضرورة تحقيق النص قبل استخدامه، على أي نحو، في البحوث العلمية.
هذا، وترتبط فكرة الإلحاح على رؤية النص الواحد في أكثر من مصدر، للتحقق من صحته والاطمئنان إلى خلوه من التصحيف.