للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرف شديد مستثقل، يخرج من أقصى الحلق؛ إذ كان أدخل الحروف في الحلق، فاستثقل النطق به؛ إذ كان إخراجه كالتهوّع، فلذلك الاستثقال ساغ فيه التخفيف، وهو لغة قريش، وأكثر أهل الحجاز، وهو نوع استحسان لثقل الهمزة، والتحقيق لغة تميم وقيس"١.

ولهذا السبب لم يبق هذا الصوت على حاله، في كثير من اللغات السامية، منذ زمن قديم، ولم يكن العرب على سواء في معاملة هذا الصوت، في العصر الجاهلي، فلم يكن ينطق به على صورته الأصلية إلا القبائل النجدية، وبخاصة تميم وقيس. ويسمى اللغويون العرب نطقهم هذا: بتحقيق الهمز، كما رأينا في نص ابن يعيش السابق.

وقد تبنت العربية الفصحى لغة القرآن الكريم، هذا التحيقق للهمز، وسارت فيه على الأصل إلا في كلمات قليلة اقترضتها من اللغة القرشية٢.

أما القبائل الحجازية٣، وعلى رأسها قبيلة قريش، فإنها كانت تسقط الهمزة من نطقها، في غير أول الكلمة، في غالب الأحيان٤، قال


١ شرح ابن يعيش للمفصل ٩/ ١٠٧ وانظر كذلك: شرح مراح الأرواح ٩٩
٢ ذكرنا بعض هذه الأمثلة في فصل: "رأي في تفسير الشواذ في لغة العرب".
٣ يبدو أن بعض القبائل الحجازية كانت تحقق الهمز كذلك، فقد قال سيبويه "٢/ ٨٠": "قد بلغنا أن قوما من أهل الحجاز من أهل التحقيق يحققون نبيء وبريئة، وذلك قليل رديء".
وقال "٢/ ١٦٩": "واعلم أن الهمزة التي يحقق أمثالها أهل التحقيق من تميم وأهل الحجاز".
٤ يقول "برجشتراسر" في التطور النحوي ٤٥: "أكثر الهمزات كانت لا تنطق في لهجة الحجاز، إلا ما كان منها في أوائل الكلمات، وبعض ما وقع منها بين حركتين".

<<  <   >  >>