للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"لقد انتهت هذه الحركة بخيبة كاملة، ولقد ثبت الآن أن وجودها السياسي كان مجرد تمثيلية رائعة" ١.

يقول عدو الإسلام والعرب هذا في موضع آخر: "ينبغي أن نعرف أن الدولة السعودية في العرب قد أصبحت من عداد الأساطير الماضية" ٢.

إلا أن الأيام قد أثبتت بأن هذه الآراء كلها كانت كاذبة، فلقد سلمت أمانة الجزيرة العربية إلى أولئك النجديين مرة أخرى وبسعة وقوة أكثر مما كانتا من قبل.

نعم إن الدرعية لم يقدر لها أن تزدهر من جديد، والنشأة الجديدة للدولة النجدية كانت من مدينة أخرى في الناحية نفسها وهي "الرياض" وهي عاصمتهم الآن.

رثاء الدرعية:

لقد تركت مأساة الدرعية أثرا عظيما مؤلما جدا في نفوس أهل نجد ومحبيهم، وهذا لا يحتاج إلى بيان.

ولعل البكاة قد بكوا حسب استطاعتهم وأحوالهم وأسبلوا دماء لا دموعا، ونحن نحب أن نشير الآن إلى قصيدة واحدة فقط قيلت في رثاء الدرعية، وهي مما قاله العالم النجدي الشهير الشيخ عبد العزيز نجل الشيخ حمد بن ناصر (م سنة ١٢٢٥هـ) أحد تلامذة شيخ الإسلام. مع أننا لا نجد فيها تلك القوة التي نراها في رثاء الأندلس٣ للشريف الرندي أو مرثية بغداد لسعدي


١ زويمر: ١٩١.
٢ نقلا عن فلبي (١٠٢) ويتعجب فلبي (١٦٠) من أن تعليق زويمر هذا ما زال باقيا في الطبعة التي طبعت من كتابه في سنة ١٩١٢ م مع أن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود قد استرد الرياض (في سنة ١٩٠٢م) ، ومما يجدر بالذكر أن هوغارث (٧٨) كان قد توقع انبعاث هذه الحركة وازدهارها من جديد (في سنة ١٩٠٤ م) ، ولكن هذا التوقع بعد استرداد الرياض ليس محل إعجاب كبير إلا أن جهل زويمر غريب مدهش.
٣ رثاء طليطلة لأبي البقاء صالح بن شريف الرندي ومطلع قصيدته المشهورة: لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان. وكان حادث استيلاء العدو على طليطلة في صفر سنة ٤٧٨ هـ والمثسهور عند عامة الناس أنها رثاء غرناطة بعد استيلاء العدو عليها في سنة ٧٩٢ هـ إلا أن الصحيح أنها قيلت قبل الاستيلاء على غرناطة بثلثمائة سنة "نفح الطيب ٤٣: ٥٩٤".

<<  <   >  >>