للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجدب والإذن العام للحج:

قال ابن غنام: "وفيها (سنة ١١٩٧ هـ/ ١٧٨٥ م) أهدى عبد العزيز - حرسه الله تعالى - علي سرور والي مكة المشرفة خيلا وركابا، وكرمه بذلك وشرفه، وقصده بذلك التشريف والإكرام وإهدائه ذلك النفيس الذي هو أجل الحطام الرخصة لأهل الدين والإسلام في أداء واجب الافتراض والالتزام خامس أركان هذا الدين على التحقيق والجزم واليقين الذي منعوه من سنين، وكانوا على قضائه متوجدين، فجاء الأمر منه في ذلك بالرخصة، فشمر المسلمون وانتهزوا الفرصة فحجوا ذلك العام وكانوا نحو ثلاثمائة من الأنام١. وابن بشر سكت عن هذه القصة تماما. أما فلبي فقد فصل الكلام في الاستئذان ونتائجه، وقال في الجدب الذي عم في سنة ١١٩٧ هـ/ ١٧٨٥م.

"ولكن مع ذلك (يشير إلى تلك الجهود التي بذلها الأمير عبد العزيز) قد منى العرب كلهم بمصائب عظيمة بسبب هذا الجدب الذي استمر طوال سنتين ولكن الجدير بالذكر أن الشريف لما أبلغ الأمير الوهابي برفع الحظر المفروض على النجديين، وأخلى سبيلهم إلى الحج لم يستفد منه سوى ثلاثمائة رجل٢ وذلك بسبب القحط. وهذا الإذن الثاني ذو أهمية خاصة في تاريخ العرب في تلك الأيام، فقد كان سرور قد انفصل تماما عن حكومة الخليفة المزعومة في قسطنطينية، وكان قد بدأ يشن الغارة على حدود عسير ونجد، وكان يريد من منع النجديين من الحج أن يظهر قوته عليهم، ولكن الوهابيين أبوا أن يذعنوا له.

وفي مقابل ذلك بدءوا يتعرضون لقوافل الحجاج العراقية والفارسية التي كانت تمر من بلادهم، ولم يكن في وسع الشريف سرور أن يضمن حمايتهم، وكانت النتيجة أن باشا العراق منع القوافل من الخروج، وذلك لأن حكومة


١ روضة الأفكار ٢: ١٣٤.
٢ يظهر من كلام فلبي أن الشريف سرورا (١١٨٦- ١٢٠٢) قد رفع الحظر عن الحج بنفسه، لكن رواية ابن غنام تثبت أن الأذن كان بناء على طلب من الأمير عبد العزيز. انظر كلامه "وقصد بذلك التشريف والإكرام ... الرخصة لأداء أهل الدين والإسلام في أداء واجب الافتراض" إلخ.

<<  <   >  >>