للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن سعود فسوف يفقد إمارته ووقع هذا الأمر في قلب الشريف غالب ومنعه الفزع من الإمارة النجدية عن قبول الحق، ولقد ذاق العالم الإسلامي كله مرارته. وألح عليه الشيخ عبد العزيز أن يجتمع مع جماعة من علماء مكة، ويناقشهم في المسائل المختلف فيها بصراحة ووضوح إلا أن العلماء لم يرضوا بهذا وأعلنوا بالحرف الواحد:-

"هؤلاء الجماعة ليس عندهم بضاعة إلا إزالة نهج آبائك وأجدادك، ورفع يدك عن معتادك وجوائز بلادك، فطار لبه وارتعش قلبه"١، ولو أن "فقهاء الحرم" أخذوا جانب الحزم والتعقل، وتجنبوا هذه المعاملة المتهورة، وتم التفاهم بين الشريف غالب والأمير عبد العزيز لحقنت دماء المسلمين الغالية.

والعجب أن ابن بشر لم يذكر هذا الحادث المهم.

وفد نجدي ثالث:

وبعد ما خاب الوفد الثاني في مهمته ابتدأت المناوشات بين الجانبين. وبدأ بها غالب بنفسه في سنة ١٢٠٥ هـ (١٧٩١م) ، واستمرت هذه الاشتباكات مدة طويلة تخللتها مهادنات، وفي خلال هذه المدة استمرت الجيوش النجدية في توسيع نفوذها في بقية أنحاء الجزيرة العربية حتى هجموا على جزيرة العمائر قرب الأحساء في سنة ١٢١١ هـ، ورجعوا غانمين٢. ولما رأى الشريف غالب هذا الازدياد في القوة النجدية بادر إلى المفاوضات مرة أخرى، وكتب إلى الأمير عبد العزيز كتابا طلب فيه أن يرسل عالما نجديا يستطيع أن يعرض مذهب الموحدين على أهل مكة.

وكان الوفدان السابقان قد ذهبا في حياة شيخ الإسلام ومعهما مكتوب من شيخ الإسلام، وجاءت مطالبة الوفد الثالث بعد ما توفي الشيخ "سنة ١٢٠٦ هـ"، ولكن مع ذلك سارع الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود إلى استجابته، ولم يكن هناك شيء أحب إليه من الدعوة إلى الله، واختار لهذه المهمة أحد تلامذة الشيخ الأجلاء وهو الشيخ حمد بن ناصر بن


١ روضة الافكار ٢: ١٦٣.
٢ عنوان المجد ١: ١١٠.

<<  <   >  >>