وإذا لفتنا الأنظار من هذه الحروب إلى جانب آخر مشرق من حياة سعود فتراه أميرا وحاكما قلما يوجد له مثال.
وقد ولد في سنة ١١٦٠هـ أو ١١٦٣هـ١، ووجد أستاذا ومربيا مثل شيخ الإسلام فتخرج على يده نموذجا رائعا في العلم والعمل، وقد لازم سعود دروس شيخ الإسلام سنين متوالية، وأصبح ذا براعة كاملة في الحديث والفقه، ونجد في خطبه ومكتوباته حلاوة العلم ولذة التعبير.
وكان من عادته في أغلب أيام الحروب أنه كان يقف في جنوده بعد صلاة المغرب فيعظهم ويأمرهم بالصبر والطاعة، ويعرض عليهم نماذج من سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه البررة رضي الله عنهم، وهكذا كان يشجعهم ويقودهم إلى رباطة الجأش وإظهار البطولات. وفي غمار المعارك حينما تشتد الحرب ويصل العنف إلى ذروته ما كانت أيدي جنوده تسطو على الأطفال والنساء والشيوخ.
نعم إنهم ما كانوا يتساهلون في الغنائم وبمجرد انتهاء الحرب كانت الغنائم تخمس فتوزع أربعة أخماسها على المحاربين، وكانوا يفرقون بين سهمان الركاب والمشاة، فكان الماشي يأخذ نصف نصيب الراكب.
والخلاصة أنهم كانوا يحاولون تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية كاملة حتى في حروبهم.
هكذا كانت حالته في المعارك والحروب، فأما حالته في النوادي والمجالس فكانت على غير هذه الشاكلة. فكان أهل الدرعية يجتمعون كل يوم بعد صلاة الفجر خارج قصر الأمير، ويجلس معهم في الصدارة سعود وآل السعود وإلى جانبهم آل الشيخ، ويقوم أحد العلماء من آل الشيخ بالوعظ.
وكان الشيخ عبد الله بن شيخ الإسلام هو الذي يتولى التدريس في الغالب.
وكان يدرس في الأكثر من تفسير ابن جرير أو ابن كثير، وبعدما ينفض المجلس كان الأمير سعود يجلس في القصر ويقضي حوائج الناس وينظر في شكاويهم. ثم تأتي الظهيرة فيقوم،