للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصف الجبرتي في كلمات رائعة محبة هذين السفيرين (وهما عبد الله بن محمد بن بنيان، والقاضي عبد العزيز بن محمد آل إبراهيم) للعلم وأخلاقهما الفاضلة، وبركهارت أيضا يثني على علمهما وفضلهما، ويذكر أن علماء مصر استأنسوا بهما واطمأنوا بعد أن سمعوا كلامهما ومناقشتهما ١.

ولمعرفة ما كان يتحلى به النجديون من خلق وعلم نحب أن نورد قولا لمن عاصرهما وشاهدهما بعينه وهو الجبرتي فيقول: "ودخلا الجامع الأزهر في وقت لم يكن به أحد من المتصدرين للأقراء والتدريس، وسألوا عن أهل مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعن الكتب الفقهية المصنفة في مذهبه، فقيل انقرضوا من أرض مصر بالكلية. واشتريا نسخا من كتب التفسير والحديث مثل الخازن والكشاف والبغوي والكتب الستة المجمع على صحتها وغير ذلك".

وقد اجتمعت بهما مرتين فوجدت منهما أنسا وطلاقة لسان واطلاعا وتضلعا ومعرفة بالأخبار والنوادر ولهما من التواضع وتهذيب الأخلاق وحسن الأدب في الخطاب والتفقه في الدين واستحضار الفروع الفقهية واختلاف المذاهب فيها ما يفوق الوصف، واسم أحدهما عبد الله والآخر عبد العزيز وهو الأكبر حسا ومعنى" ٢.

ولقد عرضنا كيف كانت أحوال هذين السفيرين، وكيف كانت معاملة محمد علي معهما، وكل ذلك بلسان مؤرخ مصري شاهدهما وقابلهما، ولا يتسع لنا المجال لتفصيل أكثر من هذا، ولكن الخلاصة أن محمد علي قد رفض هذا الصلح لأسباب مختلفة ٣.


١ بركهارت: ١١٣.
٢ الجبرتي ٤: ٢٢٩.
٣ خلاصة الكلام: ٣٨.

<<  <   >  >>