للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقلاء إليه. ورد عليه أبو سعيد بعد الحاجة إليه، وأن الحاجة إنما تدعو إلى تعليم العربية، لأن المعاني فطرية عقلية لا تحتاج إلى اصطلاح خاص بخلاف اللغة المتقدمة التي يحتاج إليها في معرفة ما يجب معرفته من المعاني، فإنه لابد فيها من التعلم، ولهذا كان تعلم العربية التي يتوقف فهم القرآن والحديث عليها فرضًا على الكفاية بخلاف المنطق. ومن قال من المتأخرين: إن تعلم المنطق فرض على الكفاية، أو إنه من شروط الاجتهاد، فإنه يدل على جهله بالشرع وجهله بفائدة المنطق وفساد هذا القول معلوم بالاضطرار من دين الإسلام. فإن أفضل هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحساس وأئمة المسلمين عرفوا ما يجب عليهم ويكمل علمهم وإيمانهم قبل أن يعرف المنطق اليوناني. فكيف يقال إنه لا يوثق بالعلم، وإن يوزن به، أو يقال إن فطر بني آدم في الغالب لم تستقم إلا به.

فإن قالوا نحن لا نقول إن الناس يحتاجون إلى اصطلاح المنطقيين، بل إلى المعاني التي توزن بها العلوم. قيل: لا ريب أن المجهول لا يعرف بالمعلومات. والناس يحتاجون إلى أن يزنوا ما جهلوه بما علموه، وهو الميزان أن أنزلها الله حيث قال: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} وقال: {لقد أرسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان}. وهذا موجود عند أمتنا وغير أمتنا، ممن لم يسمع قط بمنطق اليونان، فعلم أن الأمم غير محتاجة إلى المعاني المنطقية التي عبرا عنها بلسانهم، وهو كلامهم في المعقولات الثانية فإن موضوع المنطق هو المعقولات الثانية من حيث

<<  <   >  >>