للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتوصل (بها) إلى علم ما لم يعلم، فإنه ينظر في أحوال المعقولات الثانية الماهيات من حيث منطلقة عرض لها إن كانت موصلة إلى تحصيل ما ليس بحاصل، أو معينة في ذلك لا على وجه جزئي بل قانوني كلي. ويدعون أن صاحب المنطق ينظر في جنس الدليل، كما أن صاحب أصول الفقه ينظر في الدليل الشرعي ومرتبته فيميز، ما هو دليل شرعي وما ليس بدليل شرعي. وينظر في مراتب الأدلة حتى يقدم الراجح على المرجوح عند التعارض.

وهم يزعمون أن صاحب المنطق ينظر في الدليل المطلق الذي هو أهم من الشرعي، ويميز بين ما هو دليل وما ليس بدليل، ويدعون أن نسبة منطقهم إلى المعاني، كنسبة العروض إلى الشعر وموازين الأقوال وموازين الأوقات إلى الأوقات ونسبة الذراع إلى المذرعات. وهذا هو الذي قال جمهور علماء المسلمين وغيرهم من العقلاء إنه باطل، فإن منطقهم لا يميز بين الدليل وغير الدليل، لا في صورة الدليل ولا في مادته، ولا يحتاج أن توزن به المعاني بل ولا يصح وزن المعاني به، بل هذه الدعوى من أكذب الدعاوي. والكلام معهم إنما هو في المعاني التي وضعوها في المنطق، وزعموا أن التصورات المطلوبة لا تنال إلا بها والتصديقات المطلوبة لا تنال إلا بها. فذكروا لمنطقهم أربع دعاوى دعوتان سالبتان ودعوتان موجبتان. ادعوا أنه لا تنال التصورات بغير ما ذكروه فيه من الطريق، يحصل به تصور الحقائق التي لم تكن متصوره وهذا أيضًا باطل.

<<  <   >  >>