للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقر بعد إنكاره، فقد يكون جاهلًا فعلم أو غافلًا فذكر، فليس كل من علم شيئًا كان ذاكرًا له.

ولهذا تنازع هؤلاء المنطقيون في العلم بالمقدمتين، هل هو كاف في العلم بالنتيجة، أم لابد من التفطن لأمر ثالث. وهذا الثاني هو قول ابن سينا وغيره، وقالوا: لأن الإنسان قد يكون عالمًا ((بأن البغلة لا تلد))، ثم يغفل عن ذلك، ويرى بغلة منتفخة البطن، فيقول ((أهذه حامل أم لا) فيقال له: ((أما تعلم أنها بغلة)) فيقول: ((بلى) ويقال له: ((أما تعلم أن البغلة لا تلد)). فيقول: ((بلى)) قال: فحينئذ يتفطن لكونها لا تلد.

ونازعه الرازي وغيره وقالوا: هذا ضعيف، لأن اندراج إحدى المقدمتين تحت الأخرى إن كان مغايرًا للمقدمتين كان ذلك مقدمة أخرى لابد فيها من الإنتاج، ويكون الكلام في كيفية التئامها مع الأوليين كالكلام في كيفية التئام الأوليين ويفضي ذلك إلى اعتبار ما لا نهاية له من المقدمات. وإن لم يكن ذلك معلومًا مغايرًا للمقدمتين. استحال أن يكون شرطًا في الإنتاج لأن الشرط مغاير للشروط وهنا لا مغايرة، فلا يكون شرطًا. وأما حديث البغلة فذلك إنما يمكن إذا كان الحاضر في الذهن إحدى المقدمتين فقط، إما الصغرى وإما الكبرى، أما عند اجتماعها في الذهن، فلا نسلم أمه يمكن الشك أصلًا في النتيجة.

قلت: وحقيقة الأمر أن هذا النزاع، لزمهم في ظنهم الحاجة إلى مقدمتين فقط، لا في الإنتاج لأن الشرط مغاير للمشروط. وليس الأمر كذلك بل المحتاج إليه ما به يعلم المطلوب سواء كان مقدمة أو اثنين أو

<<  <   >  >>