للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما ظنه بعض الناس أن ((الوسط)) هو ما يكون متوسطًا في نفس الأمر بين اللازم القريب واللازم البعيد، فهذا خطأ ((ومع هذا يستبين حصول المراد على للتقديرين، فيقول: إذا كانت اللوازم منها ما لزومه للملزوم بين بنفسه لا يحتاج إلى ((دليل)) يتوسط بينهما، فهذا نفس تصوره وتصور الملزوم يكفي في العلم بثبوته له، وإن كان بينهما ((وسط)) فذلك الوسط إن كان لزومه للملزوم الأول، ولزوم الثاني له بينًا، لم يفتقر إلى ((وسط)) ثان.

وإن كان أحد الملزومين غير بين بنفسه، احتاج إلى ((وسط))، وإن لم يكن واحد منهما بينًا، احتاج إلى ((وسطين))، وهذا الوسط هو حد يكفي فيه مقدمة واحدة.

فإذا طلب الدليل على تحريم النبيذ المسكر، فقيل له: لأنه قد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((كل مسكر خمر)) أو ((كل مسكر حرام)) فهذا الأوسط وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يفتقر عند المؤمن لزوم تحريم المسكر إلى وسط، ولا يفتقر لزوم تحريم النبيذ المتنازع فيه لتحريم المسكر إلى وسط؛ فإن كل أحد يعلم أنه إذا حرم كل مسكر حرم النبيذ المسكر المتنازع فيه، وكل مؤمن يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حرم شيئًا حرم.

ولو قال: ((الدليل على تحريمه أنه مسكر))، فالمخاطب إن كان يعرف أن ذلك مسكر، والمسكر محرم، سلم له التحريم، ولكنه كان غافل عن كونه مسكرًا، أو جاهل بكونه مسكرًا.

كذلك إذا قال: ((لأنه خمر)) فإن أقر أنه خمر ثبت التحريم، وإذا

<<  <   >  >>