للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُنَزِّهُ فِي رَوْضِ الْمَحَاسِنِ مُقْلَتِي ... وَأَمْنَعُ نَفْسِي أَنْ تَنَالَ مُحَرَّمَا

فَضَحِكَ الْوَزِيرُ، وَقَالَ: لَقَدْ جَمَعْتُمَا لُطْفًا وَظُرْفًا، ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ.

وَجَاءَتْهُ يَوْمًا فُتْيَا مَضْمُونُهَا:

يَا ابْنَ دَاوُدَ يَا فَقِيهَ الْعِرَاقِ ... أَفْتِنَا فِي قَوَاتِلِ الْأَحْدَاقِ

هَلْ عَلَيْهَا بِمَا أَتَتْ مِنْ جُنَاحِ ... أَمْ حَلَالٌ لَهَا دَمُ الْعُشَّاقِ

فَكَتَبَ بِخَطِّهِ تَحْتَ الْبَيْتَيْنِ:

عِنْدِي جَوَابُ مَسَائِلِ الْعُشَّاقِ ... فَاسْمَعْهُ مِنْ قَرِحِ الْحَشَا مُشْتَاقِ

لَمَّا سَأَلْتَ عَنِ الْهَوَى هَيَّجْتَنِي ... وَأَرَقْتَ دَمْعًا لَمْ يَكُنْ بِمُرَاقِ

إِنْ كَانَ مَعْشُوقًا يُعَذِّبُ عَاشِقًا ... كَانَ الْمُعَذَّبُ أَنْعَمَ الْعُشَّاقِ

قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ " مَنَازِلِ الْأَحْبَابِ "، شِهَابُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَهْدٍ صَاحِبُ كِتَابِ الْإِنْشَاءِ: وَقُلْتُ فِي جَوَابِ الْبَيْتَيْنِ عَلَى قَافِيَتِهِمَا مُجِيبًا لِلسَّائِلِ:

قُلْ لِمَنْ جَاءَ سَائِلًا عَنْ لِحَاظٍ ... هُنَّ يَلْعَبْنَ فِي دَمِ الْعُشَّاقِ

مَا عَلَى السَّيْفِ فِي الْوَرَى مِنْ جُنَاحٍ ... إِنْ ثَنَى الْحَدَّ عَنْ دَمٍ مُهْرَاقِ

وَسُيُوفُ اللِّحَاظِ أَوْلَى بِأَنْ تَصْ ... فَحَ عَمَّا جَنَتْ عَلَى الْعُشَّاقِ

إِنَّمَا كُلُّ مَنْ قَتَلْنَ شَهِيدٌ ... وَلِهَذَا يَفْنَى ضَنًى وَهْوَ بَاقٍ

وَنَظِيرُ ذَلِكَ فَتْوَى وَرَدَتْ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْخَطَّابِ مَحْفُوظِ بْنِ أَحْمَدَ الْكَوْذَانِيِّ شَيْخِ الْحَنَابِلَةِ فِي وَقْتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ:

قُلْ لِلْإِمَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: مَسْأَلَةٌ ... جَاءَتْ إِلَيْكَ وَمَا خُلِقَ سِوَاكَ لَهَا

مَاذَا عَلَى رَجُلٍ رَامَ الصَّلَاةَ فَمُذْ ... لَاحَتْ لِخَاطِرِهِ ذَاتُ الْجَمَالِ لَهَا

فَأَجَابَهُ تَحْتَ السُّؤَالِ:

قُلْ لِلْأَدِيبِ الَّذِي وَافَى بِمَسْأَلَةٍ ... سَرَّتْ فُؤَادِي لَمَّا أَنْ أَصَخْتُ لَهَا

إِنَّ الَّتِي فَتَنَتْهُ عَنْ عِبَادَتِهِ ... خَرِيدَةٌ ذَاتُ حُسْنٍ فَانْثَنَى وَلَهَا

إِنْ تَابَ ثُمَّ قَضَى عَنْهُ عِبَادَتَهُ ... فَرَحْمَةُ اللَّهِ تَغْشَى مَنْ عَصَى وَلَهَا

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ: حَجَجْتُ سَنَةً، ثُمَّ دَخَلْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ لِزِيَارَةِ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، إِذْ سَمِعْتُ أَنِينًا فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ:

أَشْجَاكَ نَوْحُ حَمَائِمِ السِّدْرِ ... فَأَهَجْنَ مِنْكَ بَلَابِلَ الصَّدْرِ

<<  <   >  >>