وأما تعليقاته على الأبيات أو البيت بصورة لا تفي بحاجة القارئ فهي متعددة وتكاد تقع في جميع الأبواب، فمن أمثلتها ما أورده في القطعة (٥٦) من باب الحماسة وهي خمسة أبيات علق عليها بقوله: "يقول: لا تطمعوا منا في المحال، ولا تلتمسوا إكرامنا إياكم، وكذلك فعل نحو هذا في بيت الحسين بن مطير الأسدي القائل:
هل الله عاف عن ذنوب تسلفت أم الله إن لم يعف عنها يعيدها
فقد عقب بقوله: "المعنى معروف يتمنى أيام البطالة واستفهامه على هذا الوجه ضرب من البطالة".
ومثل هذا الصنيع شاركه فيه سائر الشراح الذين وقفنا على شروحهم، وذلك لأنهم كانوا يشرحون الشعر حسب هواهم فما جاء متفقاً مع هواهم شرحوه وما جاء غير ذلك أهملوه أو عقبوا عليه تعقيبات مثل تعقيبات المصنف هذه، وهذا أمر ناقشناه في الكتاب الأول وأوضحنا مآخذ بعض الباحثين عليه.
وثاني ما يؤخذ على المصنف، هو عدم التثبت من صحة بعض ما يرويه من أخبار تاريخية، وقد أوقعه هذا في أن روى بعض الأخبار التي لا تقوم على ساق ولا يعرف لها وجه من الصحة، وذلك مثل الخبر الذي أورده في باب الأدب ومفاده "أن البرصاء أم شبيب الشاعر خطبها النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يكن بها برص فقال أبوها: لا أرضاها لك يا رسول الله فإنها برصاء، فرجع أبوها إلى عندها وإذا قد برصت عقوبة للأب" فهذا الخبر ليس من الصحة في شيء، وقد أورد أبو الفرج سبب تلقيب أم شبيب بالبرصاء، فذكر أن اسمها قرصافة بنت الحرث بن عوف، وأنها لقبت بالبرصاء لبياضها لا لأنها كان بها برص.