ومثل هذا أيضاً قوله وهو يعرف بالأشتر النخعي صاحب الحماسية (٢٦): "كان من فرسان علي - رحمة الله عليه - وقتل يوم "صفين" فهو أيضاً وهم منه فالمعروف أن الاشتر لم يقتل يوم صفين، وإنما ولاه علي - رضي الله عنه - بعد صفين مصر خلفاً لمحمد بن أبى بكر فمات وهو في طريقه إليها سنة ٣٧ هـ.
ومثله كذلك ما جاء عنه في قطعة عمرو بن مخلاة الحمار الكلبي التي هجا فيها قيساً، فقد ذكر "وقيس كانت أنصار بني مروان وكانوا مع الضحاك أسلموه حتى قتل"، وهذا ليس بصحيح فقيس لم تكن من أنصار بني مروان وإنما كانت من أنصار ابن الزبير وحاربوا بني مروان في موقعة "مرج راهط"، وذلك بقيادة الضحاك بن قيس الفهري الذي قتل في هذه الوقعة.
وثالث مآخذنا عليه بعض الهفوات التي ندت في تقرير معاني الشعر وهي هفوات دللنا عليها في الهوامش التي صنعناها لهذا الكتاب، غير أنها كانت هفوات طفيفة لا تقاس بالمجهود الضخم الذي بذله في شرح النصوص واستنباط المعاني منها واستعراض آراء من سبقوه فيها، في عبارات يسودها الوضوح ويحكمها الإيجاز وتشملها السهولة واليسر.
مصادره وقيمتها:
هذا هو منهج الرجل في شرحه وقيمة عمله من خلال ما طبقناه من عناصر لهذا الشرح، ومن خلال ما أخذنا عليه من مآخذ. أما مصادره فقد سبق أن فصلنا الحديث فيها حين تعرضنا لتوثيق هذا الشرح. وناقشنا أوجه الخلاف بينه وبين شرح المرزوقي، ونحن هنا لا نريد أن نكرر الحديث فيها مرة أخرى ولكن فقد نريد أن نبرز قيمتها في شرح الحماسة، وهي قيمة تتجلى في جوانب عدة أولها: أن المصنف أفاد من أبي رياش، وأبو رياش - كما سق أن أوضحنا في الكتاب الأول من هذا البحث - كان أحد المصادر التي اعتمد عليها العلماء في رواية متن الحماسة، فهو