(الثاني من الطويل والقافية من المتدارك)
وداٍع بلحن الكلب يدعو ودونه من الليل سجفا ظلمٍة وغيومها
أي نبح كما ينبح الكلب, وفي تثنية السجف قولان: أحدهما أنه واحد فثني لفظًا على مذهب العرب, والآخر ستر ظلمة المشرق وستر ظلمة المغرب, وقوله غيومها ظاهرة, أي الغيوم مضافة إلى (الظلمة) إلا أنه من المقلب أرادوا ظلمة الغيوم.
دعا وهو يرجو أن ينبه إذ دعا فتًى كابن ليلى حين فارت نجومها
بعثت له دهماء ليست بلقحًة تدر إذا ما هب نحسًا عقيمها
كأن المحال الغر في حجراتها عذراي بدت لما أصيب حميمها
فتى يعني أباه غالب بن ليلى وأبوه صعصعة, وغارت نجومها يعني نجوم الظلمة, وقوله: بعثت له دهماء يعني أن الدهماء هنا ليست بناقة تدر ثم ينقطع درها وإنما هي قدر تدر, إذا ما هب نحسًا عمسيقها: وهو الوقت الذي ينقطع فيه در الحيوان. العقيم: الريح التي تغرق كل شيء ولا مطر فيها, والمحال جمع محالة وهي فقارة الظهر, وأراد بها قطع السنام, وقد شبه قطع السنام في القدر بالجواري يبرزن عند المصيبة لحميمهن, وذلك أنهن يلبسن السواد ووجوههن تشرق بياضًا وقطع السنام بيض والقدر سوداء, وأيضًا فإن الدموع تبل وجوههن وقطع السنام في ماء القدر بمنزلة وجوه العذارى في الدموع.
غضوبًا كحيزوم النعامة أحمشت بأجواز خشٍب زال عنها هشيمها
غضوبًا يعني قدرًا, جعل غليانها غضبًا لها, وأحمشت أوقدت وبأجواز خشب يعني باوساط خشب, وقوله: ((زال عنها هشيمها)) أي ما بلي من قشورها, وهشيمها عيدانها, فلم يبق إلا أواسطها, فهي أحمى لنارها كما يفعل المجوس.