للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ذلك بمقابلة علة الأصل بمثلها في الحكم، فيقولون لا فرق بين غير المكلف وغير المالك، بدليل البيع وغيره (١).

القسم الثاني: الفرق بقياس الدلالة. والفرق في هذه الحالة قد يكون بحكم، وقد يكون بنظير، ومما مثلوا له بالتفريق بالحكم أن يقول الحنفي في سجود التلاوة: سجود يجوز فعله في الصلاة فيكون واجباً كسجود الصلاة. فيقول الشافعيةُ في التفريق بينهما، إن المعنى في الأصل أنه سجود لا يجوز أداؤه على الراحلة من غير عذر، فهو كسجود النفل.

ومما مثلوا له بالتفريق بالنظير، أن يقول الشافعي في إيجاب الزكاة في مال الصبي: حرٌّ مسلم فتجب الزكاة في ماله كالبالغ. فيقول الحنفي في التفريق بينهما: إن البالغ يتعلق الحج بماله، فجاز أن تتعلق الزكاة بماله أيضاً، بخلاف الصبي (٢).

القسم الثالث: الفرق بقياس الشبه. ومثلوا لذلك بأن يقول الشافعية في عدم وجوب نفقة غير الوالد والولد، إن قرابتهما لا تجب بها النفقة مع اختلاف الدين، فلا تجب مع اتفاقه، كقرابة ابن العم. فيقول المعترض بالفرق بينهما، لأن الأصل، وهو قرابة ابن العم لا يتعلق بها تحريم المناكحة، وقرابة الفرع يتعلق به تحريم المناكحة، فهي كقرابة الولادة (٣).

ومن الملاحظ أن أبا الوليد الباجي (ت ٤٧٤ هـ)، أدخل هذا القسم ضمن قسمين ذكرهما هما الفرق بعلة الحكم، والفرق بدلالة الحكم. والفرق بعلة الحكم عنده، هو كالفرق بقياس العلة المذكور سابقاً، أي إن


(١) المعونة في الجدل (ص ٢٦٢)، والكاشف (ص ١١٤).
(٢) المعونة في الجدل (ص ٢٦٣، ٢٦٤)، والكاشف (ص ١١٤ و ١١٥).
(٣) المصدران السابقان.

<<  <   >  >>