كانت صفته ممكنة لصح تعلق القدرة بإيجادها وذلك محال، فبهذا التقدير يتضح معنى قول الإِمام فخر الدين في "المحصل" لو اختصت عالميته بالبعض دون البعض لافتقرت إلى المخصص ويكون الدليل الذي طالبه الطوسي به هو الدليل على افتقار الممكنات إلى المخصص واستحالة ذلك المخصص الذي يفتقر إليه الممكن في صفات اللَّه تعالى.
فإذا تقرر أنه سبحانه عالم بكل المعلومات تعين حمل قوله تعالى:{إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ}(١) على غير ظاهره من تجدد العلم في ذاته تعالى.
أَحَدُهَا: أن المراد إلا ليعلم حزبنا من النبيين والمؤمنين كما قالوا: فتح عمر السواد؛ وإنما فتحه جيشه.
وَالثَّانِي: أن المراد إلا لنعلمه موجودًا، وهذا على قول من يقول: إن العلم بأن الشيء سيوجد غير العلم بوجوده إذا وجد، وهو قول كثير من أصحابنا المتكلمين والخلاف فيه مشهور.
وَالثَّالِث: أن المراد إلا لنميز هؤلاء من هؤلاء بانكشاف ما في قلوبهم، فإن ذلك أحد ثمرات العلم.
وَالرَّابعُ: أن المراد بالعلم الرؤية، وروي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه-.
وَالْخَامِسُ: أن المراد ليعلموا يعني به المخالفين كما يقول الرجل للآخر: النار تحرق الحطب، فيقول الآخر: لا بل الحطب يحرق النار، فيقول الأول: سنجمع بينهما لنعلم أي لتعلم أيها المنكر.
وَالسَّادِسُ: أن المراد أن يعامله معاملة المختبر لهم.
وَالسَّابعُ: أن ذكر العلم هنا صلة في الكلام وتقديره إلا ليتبع الرسول من يتبعه وينقلب على عقبيه من ينقلب، وهو أضعفها.