للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان والاتحاد بروحه؛ فإن ذلك مح الذي حقه تعالى كما سنقرره بعد هذا إن شاء اللَّه تعالى.

و {الْحَقَّ} مفعول {تَقُولُوا} أي: ولا تقولوا إلا القول الحق؛ لأنه بمعنى لا تذكروا ولا تعتقدوا، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف، أي: القول الحق.

والقول هنا: هو الذي تعبر عنه الجملة في قولك: قلت: زيد منطلق، أي: قلت هذا الكلام، وأصله في اللغة: كل ما تقلقل به اللسان من الأصوات المعتمدة على المقاطع، وقد يطلق على غير ذلك مجازًا، كما في قول أبي النجم:

*قَالت لَهُ الطَّيْرُ تَقَدَّمْ رَاشِدَا*

ويطلق أَيضًا على الآراء والاعتقادات مجازًا فيقال: أنا أقول بقول الشافعي، أي: باعتقاده، ووجه هذا المجاز أن الاعتقاد لا يظهر إلا بالقول فهو سبب لظهوره فسمي به.

ثم لما منعهم اللَّه من الغلو أرشدهم إلى الطريق الحق وهو أن المسيح عيسى ابن مريم رسول اللَّه وعبده.

وَفِي تَسْمِيَةِ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالْمَسِيحِ وُجُوهٌ:

قيلَ: هو اسم علم.

وَقِيلَ: هو فعيل بمعنى مفعول كأنه مسح بالدهن أو بالبركة، أو مسحه اللَّه من الذنوب وطهره من الأدناس، وهذا قول مجاهد.

وَقِيلَ: هو فعيل بمعنى فاعل، أي: عليه مسحة جمال كما يقال: فلان جميل، أو يمسح الزمن (١) فيبرأ، أو يمسح الطائر فيحيا بإذن اللَّه، أو يمسح الأرض بالمشي وهو قول مالك.

وَقِيلَ: هو معرب وأصله مشيحًا فعرب كما عرب موسى وأصله موسى، وهذا لائق بمن جعله علمًا، فأما من قال: إنه صفة فلا يتأتى هذا على مذهبه، وقرأ جعفر ابن محمد الصادق "إِنَّما الْمِسِّيحُ" بوزن السكيت.


(١) أي: المبتلى.

<<  <   >  >>