للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "بكم؟ "

قلنا: بكذا وكذا وسقًا من تمر.

قال: فأخذ بخطامه وسار إلى المدينة، فقلنا: بعنا من رجل لا ندري من هو ومعنا ظعينة فقالت: أنا ضامنة لكم ثمن البعير؛ رأيت وجه رجل مثل القمر ليلة البدر لا يخيس (١) بكم، فأصبحنا فجاء رجل فقال: أنا رسول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تأكلوا من هذا التمر حتى تشبعوا وتكتالوا حتى تستوفوا.

قال: ففعلنا (٢).

رواه عنه جامع بن شداد وربعي بن حراش، وعداد طارق هذا في أهل الكوفة.

والرابع: من لم يجتمع به -صلى اللَّه عليه وسلم- أصلًا وإنما رآه من بعيد وحكى شيئًا من أفعاله، أو لم يحك شيئًا مثل أبي الطفيل عامر بن واثلة وغيره ممن ليس له إلا مجرد الرؤية إما في حجة الوداع أو غزوة الفتح أو غزوة حنين وغير ذلك، أو كان مع أبيه فأراه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من بعد؛ فلا ريب في أن الإطلاق اللغوي منتف عن هؤلاء قطعًا فضلًا عن الاستعمال العرفي؛ وإنما أعطي هؤلاء حكم الصحبة لشرف ما حصل لهم من الرؤية له -صلى اللَّه عليه وسلم- ولدخولهم في القرن الذي أثبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم خير القرون من أمته فكان ذلك على وجه التوسع المجازي لا بالحقيقة، واللَّه أعلم.

الثانية: أما ما بعد هذه المراتب من إلحاق من عاصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يره أصلًا بالصحابة إذا كان قد أسلم في زمنه كالأحنف بن قيس وأبي عبد اللَّه الصنابحي وأشباههما فلا ريب في أنه بعيد جدًّا؛ لأن الصحبة منتفية عن هؤلاء قطعًا بالاعتبار اللغوي والمعنى الاصطلاحي ولا رؤية حصل لهم بها شرف المنزلة فلا وجه لعدهم في جملة الصحابة إلا على ما تقدم ذكره من استيفاء ذكر أهل القرن الأول الذي عاصره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك من ولد في حياته -صلى اللَّه عليه وسلم- من أبناء الصحابة، ومات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) أي: لا يغدر بكم.
(٢) رواه الحاكم (٢/ ٦٦٨)، والدارقطني (٣/ ٤٤)، والبيهقي (٦/ ٢٠)، وابن المبارك في "الزهد" (١١٦٤).

<<  <   >  >>