للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (١).

وقال ابن مسعود عند ذكر معاذ -رضي اللَّه عنه-: إن معاذًا كان أمة قانتًا للَّه.

ثم قال: الأمة: معلم الخير، والقانت: المطيع للَّه ورسوله (٢). وأصل القنوت: لزوم الطاعة والخضوع، وفسر بكل منهما قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (٣).

وَقِيلَ: القنوت القيام، وبه فسر قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لما سئل: أي الصلاة أفضل؟ قال: "طُولُ القُنُوتِ" (٤)، لكنه ليس مطلق القيام، بل القيام مع الخضوع فيكون هنا معنى القانت: القائم بما أمره اللَّه.

و"الحنيف": المائل إلى ملة الإسلام غير الزائل عنه.

و"الحنف": هو الميل عن الضلال إلى الاستقامة، وتحنف الرجل: إذا تحرى طريق الاستقامة.

وكان العرب تسمي كل من اختتن أو حج حنيفًا، تنبيهًا على أنه على دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ومنه ما جاء في بعض روايات بدء الوحي: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجاور في حراء في كل سنة شهرًا، وكان ذلك مما تحنف به قريش في الجاهلية.

والتحنف: التبرر، قال السهيلي: لأنه من الحنيفية دين إبراهيم -عليه السلام- (٥).

ثم أكد سبحانه وتعالى ذلك بنفي الشرك عنه؛ ردًّا على قريش في زعمهم أنهم على ملة إبراهيم -عليه السلام- وهم مشركون وهو عليه الصلاة والسلام لم يكن مشركًا بل كان حنيفًا على دين الإسلام.

أخبرنا شيخنا أبو الفضل سليمان بن حمزة وعيسى بن عبد الرحمن المقدسيان بقراءتي على كل منهما قال: أنا جعفر بن علي المقرئ، أنا أبو طاهر أحمد بن محمد


(١) البقرة: الآية ١٢٤.
(٢) "الكشاف" (١/ ٦٧١).
(٣) البقرة: الآية ٢٣٨.
(٤) رواه مسلم (٧٥٦) من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-.
(٥) "الروض الأنف" (ص ١١٥).

<<  <   >  >>