وكما أن الصوم ثمرته تطهير النفس، وثمرة الزكاة تطهير المال، وثمرة الحج وجوب المغفرة، وثمرة الجهاد تسليم النفس التي اشتراها سبحانه من العباد، وجعل الجنة ثمنها فالصلاة ثمرتها الإقبال على الله، وإقبال الله سبحانه على العبد، وفي الإقبال جميع ما ذكر من ثمرات الأعمال؛ ولذلك لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت قرة عيني في الصوم ولا في الحج والعمرة، وإنما قال:«وجعلت قرة عيني في الصلاة» ولم يقل بالصلاة إعلامًا بأن عينه إنما تقر بدخوله فيها، كما تقر عين المحب بملابسته لمحبوبه وتقر عين الخائف بدخوله في محل أمنه، فقرة العين بالدخول في الشيء أكمل وأتم من قُرة العين به قبل الدخول.
ولما جاء إلى راحة القلب من تعبه ونصبه قال:«يا بلال أرحنا بالصلاة»(١)؛ أي أقمها لنستريح بها من مقاساة الشواغل، كما يستريح التعبان إذا وصل إلى منزله وقر فيه وسكن.
(١) هذا جزء من حديث رواه أنس وقد أخرجه النسائي كتاب عشرة النساء باب حب النساء (٨/ ٦١) وأحمد في مسنده (٩/ ١٩٩).