فإذا قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقف هنيهة يسيرة ينتظر جواب ربه له بقوله: «حمدني عبدي»(١) فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} انتظر الجواب بقوله: «أثنى علي عبدي» فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} انتظر جوابه: «يمجدني عبدي» فيا لذة قلبه وقرة عينه وسرور نفسه بقول ربه «عبدي» ثلاث مرات فوالله لولا ما على القلوب من دخان الشهوات وغيم النفوس لاستطيرت فرحًا وسرورًا بقول ربها وفاطرها ومعبودها: «حمدني عبدي، وأثنى علي عبدي، ومجدني عبدي».
ثم يكون لقلبه مجال من شهود هذه الأسماء الثلاثة التي هي أصول الأسماء الحسنى وهي: الله والرب والرحمن، فشاهد قلبه من ذكر اسم الله تبارك وتعالى إلهًا معبودًا موجودًا مخوفًا، لا يستحق العبادة غيره، ولا تنبغي إلا له، قد عنت له الوجوه، وخضعت له الموجودات، وخشعت له الأصوات:{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء: ٤٤].
(١) هذا وما يليه جزء من حديث رواه مسلم (٣٩) في الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة والموطأ (١/ ٨٤، ٨٥) في الصلاة: باب القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة وأبو داود (٨٢١) في الصلاة: باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، والترمذي (٢٩٥٤) تفسير القرآن، ومن سورة فاتحة الكتاب والنسائي (٢/ ١٣٥، ١٣٦) في الافتتاح: باب ترك قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في فاتحة الكتاب.