وتبع ابن الطراوة الأخفش، فأجاز حذف الحرف إذا تعين هو وموضعه. وأورد أصحابنا خلاف الأخفش هذا على غير ما أورده المصنف، فأوردوه فيما يتعدى إلى اثنين أحدهما بحرف جر، والآخر بنفسه، وأنا أورد ما ذكروه ملخصاً، فأقول: ما تعدى بحرف جر لا يجوز حذف الحرف منه ووصول الفعل إليه بنفسه إلى مع أنْ وأنّ، أو في أفعال مسموعة، تحفظ، ولا يقاس عليها، وهي: اختار، واستغفر، وأمر، وسمى، ودعا، وكنى، وزوج، وصدق، ومنها عير، تقول: اخترت زيداً من الرجال، واستغفرت الله من الذنب، والذنب، وأمرت زيداً بالخير، والخير، وأبا الحسن، وزوجته بامرأة، وامرأة، وصدقت زيداً في الحديث، والحديث، وعيرت زيداً بسواده، وسواده، فهذه الأفعال سُمع حذف حرف الجر منها، قال الشاعر:
ومنا الذي اختير الرجال سماحة ... وجوداً إذ هب الرياح الزعازع
وقال:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه ... رب العباد، إليه الوجه والعمل
وقال:
أمرتك الخير، فافعل ما أُمرت به ... فقد تركتك ذا مالٍ وذا نشب