للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وزعم الجرجاني أن ((من باب اختار قولهم: كلته كذا وكذا جريباً، ووزنته كذا درهما، والأصل: كلت له، وونت له، ثم حُذفت اللام كما حُذف من والباء في اخترت وأمرت، فتعدى الفعل إلى مفعولين، وجرى مجرى أعطيت في الظاهر، قال تعالى {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}، والمعنى: كالوا لهم أو وزنوا لهم، ولم يذكر المكيل والموزون)) انتهى.

وزعم ابن الطراوة وتلميذه السهيلي أن استغفر ليس أصلها التعدية إلى الثاني بحرف الجر، بل الأصل أن تتعدى إليه بنفسها، وأن تعديتها بـ ((من)) إنما هو ثان عن تعديتها بنفسها، وإنما عُدّيت بـ ((من)) لتضمينها معنى التوبة من الذنب والخروج منه، والأصل: استغفرت الله الذنب؛ لأنه من غفر إذا ستر، وتقول: غفر الله ذنوبنا، ولا تقل من ذنوبنا إلا أن تريد بعضها، ومعنى استغفر: طلب أن يغفر له، فهو بمنزلة استسقيت زيداً الماء، واستطعمت عمراً الخبز، أصله: سقاني زيد الماء، وأطعمني عمرو الخبز، فكما أن الماء والخبز في المثالين منصوبان في الحالتين كذلك يكون الذنب في الحالتين منصوباً في أحدهما مجروراً في الآخر، فإذا دخل حرف الجر دلّ على تضمينه معنى ما يتعدى بحرف الجر، فكأنك قلت: استتبت الله من ذنبي، أو سألته النجاة منه. قال السهيلي: ولذلك لا يجوز الاقتصار على الاسم المنصوب بعد إسقاط من، لا تقول استغفرت ذنبي حتى تذكر المستغفر المسئول منه التوبة والنجاة من الذنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>