وقد رُدَّ هذا المذهب بأنَّ إضمار الفعل ليس بقياس. وأيضاً فإنَّ العرب تقول: ما رأيته مذْ أنَّ الله خلقَه، ومذْ إنَّ، بالفتح، وبالكسر، ولو كان كما زعموا لم يجز إلا فتح أنَّ، أي: إنّ الموضع الذي ينفرد بالاسم أو بالفعل تُفتح فيه أنّ ليس إلا، وهذا قد انفرد بالفعل، فكان يجب التزام فتحها، وهم قد كسروها فيه، وقد تقدم الكلام علي أنّ بعد مذ ومنذ في «باب إنّ» والخلاف فيه مشبعاً.
المذهب الثاني: أنه مرفوع علي أنه خبر مبتدأ محذوف، وهو قول بعض الكوفيين؛ لأنها عنده مركبة مِن مِنْ وذو الطائية، والتقدير: ما رأيته من الزمن الذي هو يومان. وتقدم بطلان هذا المذهب من التركيب، فبطَل ما انبني عليه وعلي هذا المذهب، فالكلام جملة واحدة.
المذهب الثالث: أنه مرفوع علي أنه خبر لِمُذْ ومنذ، ومذ ومنذ مبتدآن، وتقديرهما في المنكور: الأَمَد، وفي المعرفة: أولُ الوقت، وبه قال ابن السراج والفارسي، فإذا قلت/ ما رأيتُه مذ يومان فالتقدير: أمدُ انقطاع الرؤيةِ يومان، وإذا قلت: ما رأيتُه مذ يومُ الجمعة، فالتقدير: أولُ انقطاع الرؤية يومُ الجمعة.