المذهب الرابع: أنه مرفوع علي الابتداء، ومذ ومنذ الخبر، وهما منصوبان علي الظرف كما إذا أضيفا إلي جملة، وهو مذهب الأخفش والزجاج وطائفة من البصريين، والتقدير: بيني وبين لقائه يومان.
وإنما ذهبوا إلي ذلك لأنك إذا جعلتهما مبتدأين والمرفوع بعدهما الخبر كانا من قبيل الأسماء الملتزَم فيها الرفع علي الابتداء، نحو ايْمُنُ الله، وما التعجيبة، وعلي مذهبهم كانا من قبيل الأسماء الملتزم فيها النصب علي الظرفية، نحو: بُعَيداتِ بين، وسَحَرَ من يوم بعينه، وعدمُ التصرف في الظروف أوسع منه في الأسماء التي ليست بظروف ولا مصادر، فكان حملها علي الأوسع أولي.
قال بعض أصحابنا: والصحيح مذهب الفارسي وابن السراج من وجهين:
أحدهما: أنهما مفردان، لم يُعطف عليهما غيرهما، كما أنّ الأمد وأول الوقت كذلك، فكان الحكم لهما بحكم ما يساويهما في الإفراد أولي، وليس كذلك بيني وبين لقائه؛ لأنهما اسمان منصوبان علي الظرف معطوف أحدهما علي الآخر.
والوجه الثاني: أنّ تقديرهما بـ «بين» في بعض الصور لا يتصور، وذلك إذا قلت مثلاً يومَ الأحد: ما رأيت زيداً مذ يومُ الجمعة، فليس بينك وبين لقائه يوم الجمعة، بل قدر من الزمان أوله يوم الجمعة، وآخره الوقت الذي أنت فيه، ولا يقدر بيني وبين لقائه يوم الجمعة وما بعده إلي الآن؛ لأنّ فيه حذف حرف العطف والمعطوف، وهو قليل، وأيضاً فلم يصرحوا بهذا المعطوف المقدَّر في موضع ما، فدلَّ علي عدم إرادته.
وعلي هذا المذهب الكلام جملتان وإذا فرَّعنا علي أنَّ الكلام جملتان فاختلفوا في الجملة من مذ أو منذ والمرفوع بعدهما هل لها موضع من الإعراب: