فإن قلت: لو كانت للوسَط لم يجز أن يُبدَل منها القليل ولا الكثير، وقد
جاز: كم رجلاً جاءك أخمسةُ أم مئة؟
/قيل: الجيَّد أن يبدَل منها العدد الوسَط لِما ذكرنا، وإنما جاز خلافه لأنَّ
كم مبهمة في نفسها، تحتمل القليل والكثير والوسَط، ولهذا يصحُّ الجواب بكلِّ
منها، وإنما جُعلت بمنْزلة الوسَط في نصب التمييز فقط.
وفي البسيط: «كم وُضعت وضعًا صالًحا لجميع المقادير، وعند بعضهم هي
للتكثير، والظاهر الأول لصلاحية الجواب بالأقلِّ» انتهى.
وقوله لكنَّ فصله جائز هنا في الاختيار، وهناك في الاضطرار أي: فصله
من كم جائز في سعة الكلام، وأمَّا في عشرين وأخواته فلا يجوز إلا في ضرورة
الشعر، وقد تقدَّم ما أنشدناه على ذلك. قال المنصف في الشرح:
«وإنما كان الأمر كذلك لأنَ العدد المميَّز بمنصوب مُستَطال بالتركيب إن كان مركُبًا، وبالزيادتين في آخره إن كان ... العشرين أو إحدى أخواتها، فموقع التمييز
منه بعيد دون فصل، فلو فصل منه ازداد بُعيدًا، فمنع الانفصال إلا في ضرورة، وكم
بخلاف ذلك، فلم يلزم اتصال ممِّيزها» انتهى. فعلى هذا يجوز أن تقول: كم لك درهًما؟ وكم أتاك رجلاً؟ وكم ضربتَ رجلاً؟ ولكن اتِّصال التمييز هو الأصل، وهو أقوى.
وزعم س أن السبب في جواز فصل تمييزها منها أنها لَمَّا لزمت الصدر، ونظيرُها من الأعداد التي ينصب تمييزها ليس كذلك، بل يقع صدرًا وغير صدر ــ جُعل هذا القدر من التصرف فيها عوضًا من ذلك التصرف الذي سُلِبَتْه.