وقال مَن زعم أنَّ أَفْعَلَ في التعجب فِعل: لو كان أَفْعَل اسمًا فإمَّا أن يكون للمفاضلة على أصله أو لغير المفاضلة، لا جائز أن يكون للمفاضلة لعدم استعماله لِما ذكرنا من التعجب، ولا جائز أن يكون لغير المفاضلة لأنه لا يُعهد في كلام العرب أَفْعَل إلا اسمًا أو صفة، لا جائز أن يكون صفةً، فيكون التقدير: شيءٌ أَحْسَنُ زيدًا أي: حَسَنٌ زيدًا؛ لأنَّ المعنى ليس على هذا، ولأنَّ أَفْعَل للصفة غير المفاضلة لا يُشتَقُّ قياسًا، وأَفْعَل هذا في التعجب قياس. ولا جائز أن يكون اسمًا للتعجب؛ لأنه يصير المعنى: شيءٌ تعجبٌ، وليس ذلك مرادًا، فثبت بهذا كله أنه فِعل.
وقوله مُخْبَرًا به عن «ما» بِمعنَى شيء، لا استفهامية، خلافًا لبعضهم أمَّا كونها بمعنى شيء، فتكون ما تامة، والفعل بعدها خبر عنها ـ فهو مذهب الخليل و «س» وجمهور البصريين، وأجمعوا على أنَّ ما اسم مرفوع بالابتداء إلا خلافًا شاذَّا، رُوي عن الكسائي أنه لا موضع لها من الإعراب.
واستدلَّ من ذهب إلى أنها تامَّة نكرة خبرية بأنه قد وُجدت تامَّة في كلام العرب في قولهم: غَسَلتُه غَسْلاً نِعِمَّا، أي: نِعْمَ الغَسْلُ، وقولهم: إنَّي مِمَّا أنْ أَصنَعَ، أي: مِن الأمرِ أنْ أَصنَعَ، لكنَّها في باب نِعْمَ لا تكون نكرة لِما ذكرنا في باب نِعْمَ وهي هنا نكرة لزم لفظها التعجب.
وذهب الفراء وابن درستويهِ ٦ إلى أنَّ «ما» استفهامية، دخلها معنى التعجب. وتأوَّلَه ابن درستويه على الخليل، قال: «معنى قول الخليل في (ما أَحْسَنَ