للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك اختلاف النحاة بمدينة سرقسطة في قول الشاعر:

وأنت التي حببت كل قصيرة إلي, ولم تشعر بذاك القصائر

عنيت قصيرات الحجال, ولم أرد قصار الخطا, شر النساء البحاتر

فقال بعضهم: "شر النساء" خبر مقدم, و "البحاتر" مبتدأ, ولا يجوز غيره لأن الشاعر أراد أن يحكم علي البحاتر أنهن شر النساء. وقال بعضهم: لا يجوز ذلك لئلا ينقلب المبتدأ خبرا والخبر مبتدأ. فدارت بين الرجلين مكالمة ونزاع وتعصب, حتى أملي في ذلك ابن السيد, وأجاز أن يكون خبرا مقدما, وأجاز أن يكون مبتدأ. ويوقف علي ترجيح ذلك من كلامه, وقد حكي هو الخلاف في ذلك, فقال: لم يجز ذلك عند جماعة من النحويين.

وقوله أو فاعلية المبتدأ وذلك بأن يخبر عنه بفعل مستكن فيه ضميره, نحو: زيد قام, فلا يجوز تقديم قام لأنه لو تقدم أوهم أن زيدا فاعل. فلو أمن اللبس ببروز الفاعل في حال التثنية والجمع, فقلت: الزيدان قاما, والزيدون قاموا, والهندات قمن, ففي جواز التقديم خلاف:

منهم من منع ذلك إجراء لضمير التثنية والجمع مجري الضمير المفرد لأنهما فرعه, فيجري الباب مجري واحدا, ويقول: إذا ورد مثل "قاما أخواك" فله تأويلان:

أحدهما: أن الألف علامة تثنية كالتاء في قامت زينب, وهي لغة "أكلوني البراغيث".

والثاني: أن تكون الألف فاعلا, وما بعدها بدل منها.

ومنهم من أجاز ذلك لأنه موضع قد أمن فيه اللبس. وإياه اختار

<<  <  ج: ص:  >  >>