للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لهَا) فيه إشارة إلى أن تركه أولى؛ لأنه لا فائدة فيه. وفي رواية مسلم: "اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قُدِّر لها"، فقوله: "فإنه" الضمير للشأن، وفيه التصريح بالجواز (فَأتاهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أي الرجل السائل (فَقَالَ: قَدْ حَمَلَتِ) بالبناء للفاعل (الجارِيَة) مرفوع على الفاعلية (فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا قُدِّرَ لِنَفْسٍ شَيْءٌ) ببناء "قُدّر" للمفعول، و"لنفس" متعلّق به، و"شيء" مرفوع على أنه نائب الفاعل، ووقع في بعض النسخ: "ما قَدّر لنفس شيئًا"، وعليه فالفعل مبنيّ للفاعل، وفاعله ضمير يعود إلى الله تعالى، و"شيئًا" منصوب على المفعوليّة.

[تنبيه]: يوجد في النسخة الهنديّة ضَبْطُ "قُدِّرَ" علي بناء المفعول مع نصب "شيئًا"، وعليه فنائب الفاعل الجارّ والمجرور، وهو مذهب الكوفيين، واستدلوا له بقراءة أبي جعفر: {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: ١٤] ببناء "يجزَى" للمفعول، وبقول الشاعر [من الرجز]:

لَمْ يُعْنَ بِالْعَلْيَاءِ إِلا سَيِّدَا ... وَلَا شَفَى ذَا الْغَيِّ إلَّا ذُو هُدَى

ومذهب جمهور البصريين أنه إذا وجد المفعول به بعد الفعل تعيّن إقامته مقام الفاعل، ولا ينوب غيره مع وجوده، وحملوا ما ورد من ذلك على أنه شاذّ، وأولوا الآية بأن النائب ضمير الغفران المفهوم من {يَغْفِرُوا} وإلى هذه القاعدة أشار ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال:

وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ أَوْ مِنْ مَصْدَرِ ... أَوْ حَرْفِ جَرٍّ بِنِيَابَةٍ حَرِي

وَلَا يَنُوبُ بَعْضُ هَذِي إِنْ وُجِدْ ... في اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِهِ وَقَدْ يَرِدْ

(إِلَّا هِيَ) أي النفس (كَائِنَةٌ) أي عليه، أي على ذلك الشيء المقدّر لها. ويحتمل أن يكون ضمير "هي" للشيء المقدّر، وتأنيثه باعتبار أنه نسمة، وهو أوفق برواية الحديث. أفاده السندي (١).


(١) "شرح السنديّ" ١/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>