للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانت من لوازم ذاته كان قابلًا لها في الأزل، فيلزم جواز وجودها في الأزل، والحوادث لا تكون في الأزل، فإن ذلك يقتضي وجود حوادث لا أول لها، وذلك محال؛ لوجوه، قد ذُكِرت في غير هذا الموضع.

قالوا: وبذلك استدللنا على حدوث الأجسام، وبه عَرَفنا حدوث العالم، وبذلك أثبتنا وجود الصانع، وصدق رسله، فلو قَدَحنا في تلك لزم القدح في أصول الإيمان، والتوحيد.

وإن لم يكن من لوازم ذاته صار قابلًا لها بعد أن لم يكن قابلًا فيكون قابلًا لتلك الصفة، فيلزم التسلسل الممتنع، وقد بسطنا القول على عامة ما ذكروه في هذا الباب، وبَيّنّا فساده، وتناقضه على وجه لا تبقى فيه شبهة لمن فَهِمَ هذا الباب.

وفضلاؤهم، وهم المتأخرون، كالرازيّ، والآمديّ، والطوسيّ، والحليّ، وغيرهم، معترفون بأنه ليس لهم حجة عقلية على نفي ذلك، بل ذكر الرازيّ وأتباعه أن هذا القول يلزم جميع الطوائف، ونصره في آخر كتبه، كـ "المطالب العالية"، وهو من أكبر كتبه الكلامية الذي سماه "نهايةَ العقول في دراية الأصول" لمّا عَرَف فسادَ قول النَّفَاة لم يعتمد على ذلك في مسألة القرآن، فإن عُمدتهم في مسألة القرآن، إذا قالوا: لم يتكلم بمشيئته وقدرته، قالوا: لأن ذلك يستلزم حلول الحوادث، فلما عَرَف فساد هذا الأصل لم يعتمد على ذلك في مسألة القرآن، فإن عُمدتهم عليه، بل استدل بإجماع مُرَكَّبٍ، وهو دليل ضعيف إلى الغاية؛ لأنه لم يكن عنده في نصر قول الكلابية غيره، وهذا مما يُبَيِّن أنه وأمثاله تَبَيَّن له فساد قول الكلابية.

وكذلك الآمديّ ذكر في "أبكار الأفكار" ما يُبطل قولهم، وذكر أنه لا جواب عنه، وقد كشفت هذه الأمور في مواضع، وهذا معروف عند عامة العلماء، حتى الحليّ ابن المطهر ذكر في كتبه أن القول بنفي حلول الحوادث، لا دليل عليه، فالمنازع جاهل بالعقل والشرع.

وكذلك مَن قبل هؤلاء، كأبي المعالي وذويه إنما عمدتهم أن الكرامية قالوا ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>