فإن جوازم الفعل المضارع، ونواصبه تُخَلِّصه للاستقبال، مثل "إن"، و"أن"، وكذلك "إذا" ظرف للمستقبل من الزمان، فقوله:{وَإِذَا أرَادَ}، و {إِن شَاَءَ اللَّهُ}، ونحو ذلك يقتضي حصول إرادة مستقبلة، ومشيئة مستقبلة، وكذلك في المحبة والرضا، قال الله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ}[آل عمران: ٣١]، فإن هذا يدل على أنهم إذا اتبعوه أحبهم الله، فإنه جَزَم قوله:{يُحبِبكُمُ} هو به، فجزمه جوابا للأمر، وهو في معنى الشرط، فتقديره:{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ}، ومعلوم أن جواب الشرط والأمر إنما يكون بعده لا قبله، فمحبة الله لهم إنما تكون بعد اتباعهم للرسول، والمنازعون منهم من يقول: ما ثَمَّ محبة، بل المراد ثوابًا مخلوقًا، ومنهم من يقول: بل ثَمّ محبة قديمة أزلية، إما الإرادة، وإما غيرها، والقران يدل على قول السلف، وأئمة السنة المخالفين للقولين، وكذلك قوله {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ}[محمد: ٢٨]، فإنه يَدُلُّ على أن أعمالهم أسخطته، فهي سبب لسخطه، وسخطه عليهم بعد الأعمال لا قبلها، وكذلك قوله {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}، وكذلك قوله:{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}[الزمر: ٧] عَلَّق الرضا بشكرهم، وجعله مجزومًا جزاءً له، وجزاءُ الشرط لا يكون إلا بعده، وكذلك قوله:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: ٢٢٢]، و {يُحِبُّ المُتَّقِينَ}، و {يحُبُّ المُقسِطِينَ}، و {يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفًّا}[الصف: ٤]، ونحو ذلك، فإنه يدل