للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب، فقمت ففتحته، فدخلت امرأة، وأخرجت كيسا فيه ألف دينار، فوضعته بين يدي الشيخ، وقالت أنفقها كما ترى، قال: ما المقصود؟ قالت: تتزوجني، ولا حاجة لي في الزوج، ولكن لأخدمك، فأمرها بأخذ الكيس، وأن تنصرف، فلما انصرفت قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت سقط عني هذا الاسم، وما أوثر على ثواب طلب العلم شيئًا (١).

وذكر الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيتُ ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، لم أزل أُحصي حتى لمّا زاد على ألف فرسخ تركته، أما ما كنت سرت أنا من الكوفة إلى بغداد ففي لا أُحصى كم مرة، ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة، وخرجت من البحرين من قرب مدينة صلا إلى مصر ماشيًا، ومن مصر إلى الرملة ماشيًا، ومن الرملة إلى بيت المقدس، ومن الرملة إلى عسقلان، ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طَرَسُوس، ثم رجعت من طَرَسوس إلى حمص، وكان بقي عليّ شيء من حديث أبي اليمان، فسمعت، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرَّقَّة، ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد، وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط إلى النيل، ومن النيل إلى الكوفة، كل ذلك ماشيًا، كلُّ هذا في سفري الأول، وأنا ابن عشرين سنة، أجول سبع سنين، خرجت من الرَّيِّ سنة ثلاث عشرة ومائتين، قَدِمنا الكوفة في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة، والمقرئ حيّ بمكة، وجاءنا نعيه، ونحن بالكوفة، ورجعت سنة إحدى


= البكري نزيل الحرم ومصر وصاحب "الإبانة الكبرى في مسألة القرآن"، المتوفّى سنة (٤٤٤٤ هـ) من أحفظ أهل زمانه للحديث، طوّف الآفاق في طلب الحديث. "تذكرة الحفاظ" ٣/ ١١١٨ - ١١١٩.
(١) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>