[الأنعام: ١٤٤]، وافتراء الكذب علي الله محرّم مطلقًا، قُصد به الإضلال، أو لم يُقصد. قاله الطحاويّ. ولأن وضعَ الخبر الذي يُقصد به الترغيب كذب على الله تعالى في وضع الأحكام، فإن المندوب قسم من أقسام الأحكام الشرعيّة، وإخبار عن أن الله تعالى وَعَدَ على ذلك العمل بذلك الثواب، فكلّ ذلك كذبٌ، وافتراء على الله تعالى، فيتناوله عموم قوله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}[الأنعام: ١٤٤].
وقد استجاز بعض فقهاء العراق نسبةَ الحكم الذي دلّ عليه القياس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نسبة قوليّة، وحكاية نقليّةً، فيقول في ذلك: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا وكذا، ولذلك ترى كتبهم مشحونةً بأحاديث مرفوعة، تشهد متونها بأنها موضوعة؟ لأنها تُشبه فتاوى الفقهاء، ولا تَليق بجزالة سيد الأنبياء -صلى الله عليه وسلم- مع أنهم لا يُقيمون لها صحيح سند، ولا يُسندونها من أئمة النقل إلى كبير أحد، فهؤلاء قد خالفوا ذلك النهي الأكيد، وشملهم ذلك الذمّ والوعيد، ولا شكّ في أن تكذيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفرٌ، وأما الكذب عليه، فإن كان ذلك الكاذب مستحلّا لذلك، فهو كافر، وإن كان غير مستحلّ، فهو مرتكب كبيرة، وهل يَكفُرُ أم لا؟ اختُلف فيه، انتهى كلام القرطبيّ. رحمه الله تعالى. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- هذا صحيحٌ.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفي إسناده شريك بن عبد الله النخعي، وقد تكلّموا فيه -كما سبق بيانه في ترجمته-؟.
[قلت]: لم ينفرد شريك به، بل تابعه عليه غيره، فقد أخرجه الحميديّ في