رأى محمد بن المنكدر رجلا واقفا مع امرأة يكلمها، فقال: إن الله يراكما، سترنا الله وإياكما. وقال الحارث المحاسبي: المراقبة علم القلب بقرب الرب. وسئل الجنيد بم يُستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى ما تنظره.
والمقصود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لمّا وَصَّى معاذًا بتقوى الله سرا وعلانية، أرشده إلى ما يُعينه على ذلك، وهو أن يستحيى من الله كما يستحي من رجل ذي هيبة من قومه.
ومعنى ذلك: أن يستشعر دائما بقلبه قرب الله منه، واطلاعه عليه، فيستحيى من نظره إليه، وقد امتثل معاذ ما وصاه به النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان عمر -رضي الله عنه- قد بعثه على عمل، فَقَدِم وليس معه شيء، فعاتبته امرأته، فقال: كان معي ضاغط، يعني من يُضَيِّق عليّ، ويمنعني من أخذ شيء، وإنما أراد معاذ ربه عز وجل، فظنت امرأته أن عمر بعث معه رقيبا، فقامت تشكوه إلى الناس.
ومَنْ صار له هذا المقام حالًا دائمًا أو غالبًا، فهو من المحسنين الذين يعبدون الله كأنهم يرونه، ومن المحسنين الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم.
وبالجملة فتقوى الله في السر هو علامة كمال الإيمان، وله تأثير عظيم في إلقاء الله لصاحبه الثناء في قلوب المؤمنين.
وفي الحديث: "ما أَسَرَّ عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية، إن خيرًا فخيرٌ،