واذا علم هذا فمن الخطأ الواضح قياس غناء اهل هذه الازمان على ما كان الصحابة رضي الله عنهم يترخصون فيه في ايام الافراح مع عظم الفرق بين الجنسين وكيف يقاس ما يستفز العقول ويفسد القلوب وينبت النفاق فيها ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة على ما ليس كذلك. لقد ضل من قال بهذا القياس الفاسد وبعد عن الصواب غاية البعد.
الوجه الرابع انه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الغناء وسماه الصوت الاحمق الفاجر وقرنه بالنياحة واخبر انه ملعون في الدنيا والآخرة. وقرن استحلاله باستحلال الزنا والخمر ولبس الحرير في حق الذكور وقد تقدمت الاحاديث بذلك. واذا كان الامر في الغناء ما ذكرنا فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم انه رخص فيه. هذا تناقض ينزه عنه آحاد العقلاء فضلا عن الشارع الحكيم.
الوجه الخامس ان يقال ان ما كان احمق فاجرا ملعونا في الدنيا والآخرة فان الشريعة لا تأتي بالرخصة فيه ابدا. ومن زعم ان الشريعة جاءت بالرخصة فيه فقد غلط على الشريعة.
الوجه السادس ان الغناء يطلق على خمسة انواع كما تقدم ايضاح ذلك.
الاول رفع الصوت وموالاته.
والثاني النصب بفتح النون وسكون الصاد المهملة وهو الترنم.
والثالث الحداء.
والرابع انشاد الاشعار. وهذه كلها جائزة.
والخامس ما يكون فيه تمطيط وتكسير وتلحين وتطريب وهذا هو الغناء المحرم وهو الصوت الأحمق الفاجر الملعون في الدنيا والآخرة.