وهذا النوع هو المعروف عند اهل الغناء في زماننا وهو الذي يستعمله اهل الاذاعات والتسجيل وغيرهم من المفتونين بصوت الشيطان ومزاميره.
ومن قاس هذا النوع الملعون على الانواع الجائزة واستدل على جوازه بجوازها فقد ابعد النجعة ونادى على كثافة جهله. وهو كمن قاس الميتة على المذكاة والربا على البيع والتحليل الملعون فاعله على النكاح الصحيح وشراب الخمر على الاشربة المباحة وغير ذلك من الاقيسة الفاسدة التي يستعملها من قل نصيبه من العلم والايمان.
الوجه السابع ان غناء الجواري في زمن النبي صلى الله عليه وسلم نوعان احدهما انشاد الاشعار من غير تلحين ولا تطريب وهذا هو الذي فعلته الجاريتان عند عائشة رضي الله عنها في يوم العيد وأقره النبي صلى الله عليه وسلم.
والنوع الثاني رفع الصوت وموالاته بقول:
اتيناكم اتيناكم ... فحيونا نحييكم
وهذا هو الذي اذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم للجواري وسماه غناء وليس هو مثل غناء المخنثين ومن يحذو حذوهم في التلحين والتطريب. وانما اطلق عليه اسم الغناء من اجل رفع الصوت وموالاته وقد تقدم عن الاصمعي انه قال كل من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غناء.
واذا علم هذا فالاستدلال بقول اتيناكم اتيناكم وما اشبهه مما روي عن جواري الصحابة على جواز غناء اهل الاذاعات وما اشبهه من الأغاني لا يقول به الا من هو من أجهل خلق الله وأبعدهم عن الصواب.