بعدهم في معنى قوله تعالى:{ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} الآية وأن المراد بهذه المعية معية العلم, ومن استدل بالآية على أن الله تعالى في كل مكان أو أنه منزه عن المكان فهو من الجهمية الذين كفرهم العلماء وأخرجهم بعض الأئمة من الثنتين والسبعين فرقة من فرق هذه الأمة.
وأما قول الشلبي: وعلى هذا فإن هذا التصوير مردود تماماً بنص القرآن الكريم وبحكم الفكر الإسلامي.
فجوابه من وجهين: أحدهما: أن يقال: إن المردود بنصوص الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين وأئمة العلم والهدى من بعدهم هو قول الشلبي الجهمي أن الله تعالى في كل مكان أو أنه منزه عن المكان, فالأول قول الحلولية من الجهمية, والثاني قول المعطلة منهم, وكل من القولين باطل وضلال وكفر بالله العظيم لما فيهما من إنكار علو الرب تبارك وتعالى فوق جميع المخلوقات واستواءه على العرش ومباينته لجميع خلقه فلا يخالطهم ولا يمتزج بهم. وقد ذكرت قريباً بعض النصوص الدالة على علو الرب تبارك وتعالى فوق جميع خلقه وأشرت إلى ما لم أذكره منها وهي كثيرة جداً في الكتاب والسنة.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الفكر الإسلامي هو الذي يدور مع نصوص الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها وهو الذي يقرر علو الرب تبارك وتعالى فوق جميع المخلوقات واستواءه على العرش ومباينته لجميع خلقه, فأما القول بأن الله تعالى في كل مكان أو أنه منزه عن المكان فهو من أفكار الجهمية وليس من أفكار المسلمين, ومن زعم أنه من الأفكار الإسلامية فقد قلب الحقيقة وافترى على الإسلام والمسلمين.