فجوابه من وجوه: أحدها أن يقال: قد جاء في الإسراء والمعراج أحاديث صحيحة ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضها في الصحيحين وبعضها في صحيح مسلم, وهي من رواية ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه, ومن رواية أنس عن مالك بن صعصعة رضي الله عنه, ومن رواية أنس عن أبي ذر رضي الله عنه, فمن أنكر هذه الأحاديث أو أنكر شيئاً مما جاء فيها أو قال إنها أحاديث إسرائيلية أو إنها قد تسربت إليها رائحة الإسرائيليات فلا شك أنه فاسد الاعتقاد لأنه إنما ينكر على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكذب أخباره الصادقة, ومن كان كذلك فهو ممن يشك في إسلامه لأنه لم يحقق الشهادة بالرسالة, ومن تحقيقها تصديق أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - , وقد تقدم قريباً حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه أن عصمة الدم والمال مشروطة بالتوحيد والإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به.
والوجه الثاني أن يقال: إن الرواة لأحاديث أنس بن مالك ومالك بن صعصعة وأبي ذر رضي الله عنهم كلهم ثقات, فمن زعم أن رائحة الإسرائيليات قد تسربت إلى رواياتهم في الإسراء والمعراج فقد افترى عليهم وعلى رواياتهم مع ما ارتكبه من تكذيب أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعلها من قبيل الإسرائيليات, وما أعظم هذا وأشد خطره.