ويلزم على هذا القول الباطل نسبة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الكتمان لبعض ما ينبغي التحدث عنه.
الوجه الثالث: أن يقال: إن كلام الشلبي في هذه الجملة مشتمل على الغض من الصحابة ونسبتهم إلى ضعف العقول بحيث لا يمكن أن يتقبلوا التحديث عن العوالم الكبرى. وهذا من ظن السوء بالصحابة رضي الله عنهم, ويلزم على هذا الظن الكاذب ترجيح عقول أتباع الهيئة الجديدة ومقلديهم من العصريين على عقول الصحابة رضي الله عنهم, وهذا لا يقوله إنسان يعقل ما يقول, والصحابة رضي الله عنهم منزهون عن ظنون الشلبي وأمثاله من متشدقة العصريين وضلالهم, وقد كان الصحابة رضي الله عنهم أعظم الناس إيماناً بأقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخباره وأشدهم مسارعة إلى تقبل ما يحدثهم به عن الأمور الغيبية فلو أنه رأى العوالم الكبرى التي زعموها وحدث الصحابة عنها لسارعوا إلى تصديقه وقبول ما يخبرهم به, وقد أخبرهم أنه رأى الجنة والنار ورأى جبريل في صورته وله ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق ورأى سدرة المنتهى ورأى البيت المعمور إلى غير ذلك مما رآه وما وقع له في ليلة الإسراء والمعراج وقد تقدم ذكره في الوجه الأول, وكل واحد مما رآه وما وقع له أعظم بكثير من العوالم الكبرى التي زعموها,