الوجه الثاني أن يقال: إن في تردد النبي - صلى الله عليه وسلم - بين ربه وبين موسى عليه الصلاة والسلام في طلب التخفيف من عدد الصلوات أعظم تشريف وتكريم للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان في كل مرة يعرج إلى ربه ويدنو منه ويكلمه ربه ويخفف عنه, وهذا الفضيلة لم تكن لأحد من بني آدم سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولو فرضت الصلوات خمس مرات من أول الأمر لَمَا حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - كثرة العروج إلى ربه والدنو منه وكثرة تكليم الرب له, ولله تعالى فيما قضاه من كثرة تردد نبيه - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين موسى عليه الصلاة والسلام حكم وأسرار لا يحيط بعلمها إلا الله تعالى, وقد قال تعالى:{لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون} وفي هذه الآية الكريمة أبلغ رد على اعتراضات الشلبي على أفعال الرب تبارك وتعالى مع نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وكثرة ترديده له في طلب التخفيف من عدد الصلوات.
الوجه الثالث أن يقال: من منح الرب تبارك وتعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وكرمه العظيم عليه ما خصه به من كثرة الصعود إليه والدنو منه وسماع كلامه ومن وفرة منح الرب تبارك وتعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته وكرمه العظيم عليهم أنه خفف عنهم عدد الصلوات التي كان قد فرضها عليهم يوم خلق السموات والأرض خمسين فجعلها خمساً في العمل وخمسين في الأجر, وهذه نعمة عظيمة لا يعرف