لبسا وإنما السحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته.
وأما ما ورد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من تبليغه أو شريعته أو يقدح في صدقه لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا, وإنما هذا فيما يجوز طروه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث بسببها ولا فضل من أجلها وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر, فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان انتهى, وقد أثر السحر في بدن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى مرض منه أياما ثم شفاه الله منه, فأما قلبه وعقله فلم يصل إليهما السحر بل صانهما الله وحماهما, وأما بدنه فهو عرضة للأسقام والآلام كسائر البشر وذلك لا يحط من قدره شيئاً بل يزيده أجراً وثواباً يوم القيامة, قال القاضي عياض: قد استبان من مضمون الروايات أن السحر إنما تسلط على ظاهره وجوارحه لا على قلبه واعتقاده وعقله وأنه إنما أثر في بصره وحبسه عن وطء نسائه وطعامه وأضعف جسمه وأمرضه, ويكون معنى قوله يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهن, أي يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة على النساء فإذا دنا منهن أصابته أخذة السحر فلم يقدر على إتيانهن كما يعتري من أخذ