للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: أما البخلُ عند أهل الدنيا، فهو أن يكون الرجل ضنينًا بماله، وأما عند أهل الآخرة، فهو الذي يضنُّ بنفسه عن الله، ألا وإن العبد إذا جاد بنفسه لله، أورث الله قلبَه الهدى والتقى، وأُعطي السكينةَ والوقارَ، والحلمَ الراجحَ، والعقلَ الكامل.

وبه إلى الإمامِ أبي الفَرَجِ: أنا المحمدان: ابن ناصر، وابن عبد الباقي، قالا: أنا حمدٌ: أنا أحمدُ بن عبد الله: ثنا عثمانُ بن محمدٍ: قرئ على أبي الحسينِ السريريِّ: سمعتُ يوسفَ بن الحسينِ يقول: سمعت ذا النون يقول: بصحبة الصالحين تطيبُ الحياة، والخيرُ مجموعٌ في القرين الصالح، إن نسيتَ ذَكَّرَكَ، وإن ذكرتَ أعانَكَ (١).

قال: وسمعتُه يقول: مَنْ لم يعرفْ قدرَ النعم، سُلِبَها من حيثُ لا يعلم (٢).

وبه إلى أحمدَ بن عبد الله: ثنا محمدُ بن إبراهيمَ: ثنا أبو حامدٍ النيسابوريُّ: ثنا عبد القدوس بن عبد الرحمن: سمعتُ ذا النونِ يقول: إلهي! لو أصبتُ موئلًا في الشدائد غيرَك، أو ملجأً في النوازل سواك، لحقَّ لي أن لا أعرضَ إليه بوجهي عنك، ولا أختاره عليك؛ لقديم إحسانك إليَّ وحديثه، وظاهرِ مِنَّتِكَ عليَّ وباطنها, ولو تقطعتُ في النبلاء إربًا إربًا، وانصبَّتْ عليَّ الشدائدُ صَبًّا صَبًّا، لا أجد مشتكى لبثِّي غيرَك، ولا مُفَرِّجًا لما بي عني سواك، فيا وارث الأرض ومَنْ عليها، ويا


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ٣٥٩).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١٠/ ١٢٤).

<<  <   >  >>