باسم الله، ثم رمى، فمر السهمُ حتى إذا قرب من الحائط، ارتفعَ حتى أتى العلجَ، فأخذ مذاكيرَه، فوقع، فقال: شأنكم به (١).
وبه إلى الإمامِ أبي الفَرَجِ: أنا أبو بكرٍ العامريُّ: أنا عليُّ بن أبي صادقٍ، وعبدُ الغفارِ بن محمدٍ، قالا: أنا أبو عبد الله بن باكويهِ: ثنا عليُّ بن الحسنِ الأرجانيُّ: ثنا جعفرُ بن محمدٍ: سمعتُ أبي يقول: سمعتُ أبا معاويةَ الأسودَ -وهو على سور طرسوس من جوف الليل- يبكي، ويقول: أَلا مَنْ كانت الدنيا أكبرَ هَمِّه، طالَ في القيامة غدًا غَمُّه، ومن خافَ ما بين يديه، ضاق في الدنيا ذَرْعُه، ومن خافَ الوعيد، لها من الدنيا عَمَّا يريد.
يا مسكين! إن كنت تريد لنفسك الجزيلَ، فأقللْ نومَك بالليل إلا القليل، اقبلْ من الأخ الناصح، إذا أتاكَ بأمر واضح، لا تهتمَنَّ برزق مَنْ تخلف، فليست أرزاقهم تكلف، وَطِّنْ نفسَك للمقال، إذا وقفت بين يدي ربِّ العزة للسؤال، قَدِّمْ صالحَ الأعمال، ودَعْ عنك كثرةَ الأشغال، بادرْ ثم بادرْ، قبل أن تصلَ المقابر، قبل أن تصل الروح التراقي، وينقطعَ عنك مَنْ تحبُّ أن تُلاقي، كأني بها وقد بلغتِ الحلقوم، وأنت في سكرات الموت مغموم، وقد انقطعتْ حاجتك، وأنت تراهم حولَكَ، وبقيتَ مرتهنًا بعملك.
الصبرُ مِلاكُ الأمر، وفيه أعظمُ الأجر، واجعلْ ذكر الله من جلِّ شأنك، واملكْ فيما سوى ذلك لسانك.