للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يُر لجنازة أحدٍ ما رئُي لجنازته من الوقار والهيبة، والعظمة والجلالة، وتعظيم الناس لها، وتوقيرهم إيّاها، وتفخيمهم أمر صاحبها، وثنائهم عليه بما كان عليه من العلم والعمل، والزهادة والعبادة، والإعراض عن الدنيا، والاشتغال بالآخرة، والفقر والإيثار، والكرم والمروءة، والصبر والبشارة (١)، والشجاعة والفروسية والإقدام، والصدع بالحقّ، والإغلاظ على أعداء الله وأعداء رسوله، والمنحرفين عن دينه، والنصر لله ولرسوله ولدينه ولأهله، والتواضع لأولياء الله والتذلل لهم، والإكرام والإعزاز والاحترام لجنابهم، وعدم الاكتراث بالدنيا وزخرفها ونعيمها ولذّاتها، وشدة الرغبة في الآخرة والمواظبة على طلبها، حتى لتسمع ذلك ونحوه من الرجال والنساء والصبيان، وكلّ منهم يثني عليه بما يعلمه من ذلك.

قال: ودُفن في ذلك اليوم ــ رضي الله عنه وأعاد علينا من بركاته ــ ثم جعل الناس ينتابون (٢) قبره للصلاة عليه من القُرى والأطراف والأماكن والبلاد، مُشاة وركبانًا، وما وصل خبر موته إلى بلد ــ فيما نعلم ــ إلا وصُلِّي عليه في جميع جوامعه ومجامعه، خصوصًا أرض مصر والشام والعراق وتبريز والبصرة وقراها وغيرها، وخُتِمت له الختمات الكثيرة في الليالي والأيام، في أماكن كثيرة لم يضبط عددها، خصوصًا بدمشق المحروسة ومصر والعراق وتبريز والبصرة وغيرها، حتى جعل كثير من الناس القراءة له ديدنًا لهم، وأديرت الرَّبْعَة الشريفة على الناس لقراءة القرآن المجيد وإهدائه له.


(١) كذا، ولعلها: «الثبات».
(٢) (ط، ك): «يتناوبون» ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <   >  >>