وقد رثاه كثير من الفضلاء بقصائد متعددة، ولا يسع هذا المختصر ذكرها، وذلك لما وجب للشيخ ــ رضي الله عنه ــ عليهم من الحق في إرشادهم إلى الحقّ، والمنهج المستقيم بالأدلة الواضحة الجلية النقلية والعقلية، خصوصًا في أصول الدين، فإن الله أنعم على الناس في هذا الزمان الذي قد ظهرت فيه البدع وأُميتت السنن، وصار أغلب أهله مُمْرِجين في البدع والحرام من حيث لا يشعرون، ومن حيث لا يعلمون، ومنّ الله عليهم بما وفقه له من إيضاح أصول الدين، وتبيين الحقّ المحض، والاعتقاد العدل، وإفراده عن غيره من البدع والضلالات بأمور لم يسبق إلى مثلها، وإظهارها على لسانه بما أورده من ذلك من مؤلفاته ومصنفاته وقواعده المطابقة للحق، وتقريراته، وما أبرزه من الحجج والبراهين الظاهرة، الموافقة للمعقول والمنقول، ممّا لم يتمكّن أحدٌ من المتكلمين والمناظرين الإتيان بمثله، وما أظهره وأورده من كثرة الدلائل العقلية بعد النقلية حتى قطع به جميع المبتدعين، وكشف به عوار حجج الشاكِّين المُشكّكين.
فجزاه الله أحسن الجزاء عن الإسلام والمسلمين، وسبحان من أعطاه ما أولاه، ومدّه بحسن التوفيق إلى ما هداه، وأعانه بالصبر الجميل إلى أن توفاه، ورضي عنه وأرضاه، ورزقنا والمسلمين كافة الحياة والموت على الكتاب والسنة حتى نلقاه، والاعتصام بهما جميعًا في جميع ما نلقاه.