للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الناس سمع "صحيح مسلم" ببَعْلَبَكَّ من ابن عبد الدّايم وسمع من جماعة بها وماتَ والده وهو رضيعٌ - وكان لحّامًّا - فربّاه خالُه شمس الدين بن النّيْحاني - بالياء المثناة من تحت بعد النون - وعملَ صنعة الكتاب مدَّةً، ثم حُبِّبَ إليه طلب العلم، وفضُلَ بنفسه وأنجَبَ وصارَ مشارًا إليه مقصودًا بالقضاء والفَتوى، ثم إنه ترك القَضاء وتابَ منه، ولما رَحَلَ إلى القاهرة ولى بها تدريس المَنْصُوِرّية لمَّا توفى موفق الدين، فلما تُوفى نزل عنها لمن دفع إليه ما غرم ثم قال: وهذا الثاني أخبر به شيخُنا، قلت وله تصانيف مفيدة منها "تَجْرِيْدُ العِنَاية فى تَحْرِيْرِ أحكَام النِّهايَة (١) "، وهو كتاب جليلٌ بيَّض فيه كِفاية ابن رَزِيْن حين مات ولم يُحَرِّرْها، وقد كان بَيَّضها قبله الشيخ عبدُ المؤمِنْ ولم يطلع على ذلك فلما رآهُ واطلَّع عليها قالَ: لو رأينا هذا ما تَعِبْنا. وأُخبرتُ أنه لما صَنَّفَهُ أَراهُ ابنَ رَجَب فرمى به وقالَ: لقد قَرْطَمْتَ العلم ومنها كتاب "اختيارات الشيخ تقىّ الدّين بن تَيْمِيَّة". وصنَّف فى الأصول كتابه المُختصر المُسمّى "بإِحْكامِ الأحكَام الفَرعْيَّة" (٢) وأظنُّه تَبعِ فى ذلك الأسنوى وله تَعاليق أُخر. قَال لى شهابُ الدين [ابن] هِلالٍ الأزْدِىُّ: توفى بعد الشَّيخ زَين الدّين ابن رَجَب سنة سبع وستين (٣) أو قريبًا من ذلك، وقد قدمنا وفاة ابن رجب سنة خمس وتسعين. وذكر ابنُ قاضى شُهبة (٤): أنه توفى فى شهر شَّوالٍ سنة ثلاثٍ وثمانمائة.


(١) منه نسخة فى المكتبة الأزهريَة.
(٢) طبعه مركز البحث العلمى بجامعة أم القرى باسم "المختصر فى أصول الفقه".
(٣) فى الأصل: "سنة سبع وستين أو عشرة. . ".
(٤) تاريخ ابن قاضى شهبة: ٢١٧.