للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما كَانَ الخطأ في الرِّوَايَة أمرٌ بدهيٌّ، وأنه لا يسلم إنسان مِنْهُ نجد الأكابر قَدْ وهمّوا الأكابر، فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قَدْ وهّمت عدداً من الصَّحَابَة في عدد من الأحاديث، وَقَدْ جمع ذَلِكَ الزركشي (١) في جزءٍ (٢) ، لذا قَالَ الإمام عَبْد الله بن المبارك (٣) : ((ومن يسلم من الوهم، وَقَدْ وهّمت عائشة جَمَاعَة من الصَّحَابَة في رواياتهم للحديث)) (٤) .

وفيما نقلنا عَنْ الأئمة الأعلام كفاية ودليل عَلَى أن دخول الخطأ والوهم أمرٌ نسبيٌّ ممكن في أحاديث الرُّوَاة ثقاتً كانوا أو غَيْر ذَلِكَ، فالخطأ والوهم والنسيان سجية البشر، وَقَدْ قَالَ الشاعر:

نَسِيتُ وَعْدَكَ والنِّسْيَانُ مُغْتَفَرٌ ... فَاغْفِرْ فَأوَّلُ نَاسٍ أوَّلُ النَّاسِ (٥)


(١) هُوَ مُحَمَّد بن بهادر بن عَبْد الله الزركشي، أبو عَبْد الله الشَّافِعِيّ، بدر الدين: عالم بالفقه والأصول، مشارك في الْحَدِيْث والعربية، من مصنفاته " البحر المحيط " و " البرهان في علوم القرآن "، ولد سنة (٧٤٥ هـ‍) ، وتوفي سنة (٧٩٤ هـ‍) .
الدرر الكامنة ٣/٣٩٧، وشذرات الذهب ٦/٣٣٥، والأعلام ٦/٦٠.
(٢) أسماه: الإجابة لما استدركته عائشة عَلَى الصَّحَابَة، طبع مراراً بتحقيق سعيد الأفغاني.
(٣) هُوَ عَبْد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي، مولاهم، أبو عَبْد الرحمان المروزي، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، ولد سنة (١١٨ هـ‍) ، وتوفي سنة (١٨١ هـ‍) .
تهذيب الكمال ٤/٢٥٨ (٣٥٠٨) ، ومرآة الجنان ١/٢٩٤، والتقريب (٣٥٧٠) .
(٤) شرح علل الترمذي ١/٤٣٦.
(٥) قائله: أبو الفتح البُستي. انظر: الغيث المسجم في شرح لامية العجم، للصفدي ٢/٢٠٨، وانظر: نكت الزركشي ٣/٥٦٥، وفتح المغيث ٢/١٤٨،وتعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث، لابن الصَّلاَحِ: ٢٩٤.

<<  <   >  >>