للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (١) : قال الجصاص الحنفي: ((يحتج به في أن كل من دخل في قربة لا يجوز له الخروج منها قبل إتمامها؛ لما فيه من إبطال عمله نحو الصلاة والصوم والحج وغيره)) (٢) .

وللشافعي جواب عن هذا فقال: ((المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض، فنهي الرجل عن إحباط ثوابه. فأما ما كان نفلاً فلا؛ لأنه ليس واجباً عليه، فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع، والتطوع يقتضي تخييراً)) (٣) .

جعلوا عمدة قولهم حديث الزهري السابق، وكأنهم رجحوا الاتصال على الانقطاع، أو أخذوا بالحديث لما له من طرق، وجعل ابن حزم الظاهري عمدة قوله حديث جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. ودافع عن زيادة جرير (٤) . وقد تقدم الكلام بأن جريراً مخطئٌ في حديثه، وقد ذكرنا كلام ابن حزم وأجبنا عنه.

القول الثاني:

ذهب فريق من الفقهاء إلى استحباب الإتمام ولا قضاء عليه، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وهو مروي عن: علي (٥) ، وعبد الله بن مسعود (٦) ، وعبد الله بن عمر (٧) ،


(١) محمد: ٣٣.
(٢) أحكام القرآن ٣/٣٩٣.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٧/٦٠٧٥.
(٤) المحلى ٦/٢٧٠-٢٧١.
(٥) مصنف عبد الرزاق (٧٧٧٢) ، وانظر: الحاوي الكبير ٣/٣٣٦.
(٦) مصنف عبد الرزاق (٧٧٨٤) ، ومصنف ابن أبي شيبة (٩٠٨٤) ، والسنن الكبرى، للبيهقي ٤/٢٧٧، وانظر: الحاوي ٣/٣٣٦.
(٧) مصنف ابن أبي شيبة (٩٠٨٨) ، والسنن الكبرى، للبيهقي ٤/٢٧٧، والمحلى ٦/٢٧٠، وانظر: الحاوي الكبير ٣/٣٣٦.

<<  <   >  >>