للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعرفة العلل واختلافات المتون والأسانيد هِيَ لُبُّ القضايا في علوم الْحَدِيْث وأدقها وأغمضها، وَقَدْ قعّد الْمُحَدِّثُوْنَ النقاد القواعد لتنقية الأحاديث النبوية وحفظها من أوهام الناقلين وأخطائهم. ومصدر اختلاف المتون والأسانيد يبقى خفياً غامضاً لا يكشفه إلا من جمع بَيْنَ الحفظ والفهم والمعرفة. ومعرفة الاختلافات في المتون والأسانيد أمر خفيٌّ غامض لا يصل إِلَيْهِ نظر الباحث إلا بالغربلة والدراسة المعمقة مع رصيد كبير من الممارسة الحديثية. ثُمَّ إنّ الخبرة وطول المذاكرة وزيادة الحفظ والملكة القوية، وجمع الأبواب والتمرّس المستمر في ذَلِكَ هُوَ الَّذِيْ جعل الأئمة النقاد يعرفون الاختلافات بالنظر إِلَيْهَا لمخالفتها ما لديهم من صواب في المتون والأسانيد.

ثُمَّ إنّ عَلَى طالب الْحَدِيْث قَبْلَ أن يعلَّ حديثاً بالاختلاف أن يجمع طرق الْحَدِيْث ويستقصيها من المصنفات والجوامع والمسانيد والسنن والأجزاء، ويسبر أحوال الرُّوَاة فينظر في اختلافهم وفي مقدار حفظهم ومكانتهم من الضبط والإتقان، وعند ذَلِكَ وبعد النظر الشديد في القرائن والمرجحات والاستعانة بأقوال الأئمة نقاد الْحَدِيْث وحفاظ الأثر وإشاراتهم؛ يقع في نفس الباحث الناقد أن الْحَدِيْث معلٌّ بالاختلاف، كأن يَكُوْن الْحَدِيْث الموصول معلاً بالإرسالِ أَوْ الانقطاع أَوْ يَكُوْن المرفوع معلاً بالوقف (١) أو أن هناك سقطاً بسبب التدليس، أو يجد دخول حَدِيْث في حَدِيْث أو يجد وهم واهمٍ أو ما أشبه ذَلِكَ من العلل القادحة.


(١) هنا مسألة ينبغي التنبيه عَلَيْهَا: وَهي أن الإرسال ليس بمجرده معياراً لتعليل الموصول، وكذا الوقف بالنسبة للرفع، وإنما يفسر ذَلِكَ بحسب الواقع الَّذِيْ نلمسه من عمل النقاد في التصحيح والتعليل، وَهُوَ أن يَكُوْن الصواب في الْحَدِيْث الإرسال والوصل خطأ. وأن يَكُوْن الصواب في الْحَدِيْث الوقف والرفع خطأ.

<<  <   >  >>